في كل مناسبة يدعي الاحتلال بأن لجوء جنوده إلى اعتقال الأطفال القاصرين، يأتي في سياق الضرورات الأمنية أو أنها ممارسات فردية وطارئة، ولكن من ينظر إلى حجم تلك الاعتقالات بحق الأطفال، وما يمارس معهم من جرائم وتحقيق وتنكيل، يدرك تماماً بأن الأمر يخرج عن الضرورات الأمنية إلى ممارسة سياسة تنكيل وإذلال لبث الذعر والخوف في نفوسهم، وتأتي في إطار سياسة ممنهجة ومعتمدة لتدمير الطفل الفلسطيني وتحطيم مستقبله.
مكتب إعلام الأسرى يسلط في تقريرٍ له الضوء على سياسة استهداف الأطفال والتي تصاعدت في الشهور الأخيرة بشكلٍ واضح، حتى أصبحت الخيار الأول لدى قوات الاحتلال، حيث أن ما يقارب من ثلث حالات الاعتقال التي ينفذها الاحتلال في أنحاء الضفة الغربية والقدس المحتلتين هي لأطفال قاصرين من الجنسين ما دون الثامنة عشر من أعمارهم، بل هناك أطفال اعتقلوا ما دون الثانية عشر من عمرهم، وبعضهم أصيب بالرصاص حين الاعتقال، ولا يزال يعاني من أثر الإصابة.
230 طفلاً معتقلاً
مكتب إعلام الأسرى أكد على أن الاحتلال يحتجز في أقسام الأطفال في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون) ما يقارب 230 طفل، بعضهم تقل أعمارهم عن 15عاماً، غالبيتهم فرضت عليهم أحكام فعلية تتراوح ما بين عدة شهور إلى عدة سنوات، بينما هناك طفلين يخضعان للاعتقال الإداري دون تهمة.
ومن بين الأطفال المعتقلين هناك جرحى أصيبوا عند الاعتقال بالرصاص نتيجة إطلاق النار عليهم من مسافات قريبة، ويقبع في الدامون (45طفلاً) وفي مجدو (65طفلاً) وفي عوفر (100طفل) وهناك (20طفلاً) في مراكز التوقيف والتحقيق.
الأطفال في سجن الدامون أدلوا مؤخراً بشهادات تفيد بتعرضهم للضرب والتنكيل على أيدي قوات النحشون خلال عمليات النقل بالبوسطة من وإلى المحاكم، أو خلال عملية نقلهم من سجون أخرى إلى سجن الدامون، حيث يتم الاعتداء عليهم باللكم والضرب على كافة أنحاء الجسد بالباسطير، ويتعرضون للإهانة والسب والشتم بأقذر الكلمات النابية خلال تواجدهم في سيارة البوسطة أو غرف الانتظار بالمحاكم.
عقوبات متنوعة
مكتب إعلام الأسرى أوضح بأن الأطفال الفلسطينيين يتعرضون إلى أشكال متعددة من العقوبات والتنكيل على يد الاحتلال، فإضافة إلى عمليات الاعتقال اليومية التي يتعرض خلالها الأطفال منذ اللحظة الأولى إلى الضرب المبرح، والزج بهم في ظروف قاسية في مراكز التوقيف والتحقيق وممارسة كل أشكال الانتهاك والتعذيب والضغط النفسي والجسدي بحقهم، فهناك أيضاً عقوبة فرض الحبس المنزلي على مئات الأطفال، وتحديداً أطفال مدينة القدس لفترات مختلفة، ولها تأثير سلبي على نفسية الطفل، وكذلك الإبعاد عن المنزل لفترات طويلة، وقد تكون في أماكن بعيدة من سكن الطفل، مما يتسبب له في آثار نفسية قاسية، هذا عدا عن فرض الغرامات المالية عليهم.
أحد آخر الاعتداءات على الأطفال، أقدمت إدارة سجن مجدو فيه على إغلاق قسم الأسرى الأشبال والذي يضم 63 طفلاً، بذريعة هجوم أحد الأسرى الأشبال على أحد السجانين، حيث قامت الإدارة بإخراج جميع الأجهزة الكهربائية كالمراوح وبلاطة الطبخ من القسم ومنع الأسرى من الخروج للفورة.
مخالفة القانون
مكتب إعلام الأسرى يعتبر أن إجراءات الاحتلال بحق الأطفال مخالفة واضحة لكل الاتفاقيات الدولية التي تحرِّم اللجوء لاعتقال الأطفال إلا في أضيق الحالات، وعلى الرغم من أن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتحديداً اتفاقية حقوق الطفل، شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي جعلت من اعتقال الأطفال الفلسطينيين هدفا عاجلاً، وأقدمت على اعتقال الآلاف منهم منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية، حيث وصلت حالات الاعتقال بين الأطفال منذ انتفاضة القدس إلى ما يزيد عن (5000) حالة اعتقال.
مكتب إعلام الأسرى يطالب المؤسسات المعينة بحقوق الأطفال أن تتدخل لحماية أطفال فلسطين من جرائم الاحتلال المستمرة بحقهم، والضغط على الاحتلال لتنفيذ اتفاقية حقوق الطفل التي تضمن لهم السلامة وحقهم في الحياة الآمنة.