يستحق الأسير المريض بسام أمين محمد السايح (46عاماً) من سكان مدينة نابلس ثورةً أخيرةً لأجله، لحقه في أن يخرج للحرية ويواجه مرض السرطان ويحاربه في بيته بين ذويه وفي أحضان دعمهم، لا في سجون الاحتلال ومسلخ الرملة الذي فرَّ منه هارباً قبل أشهرٍ قليلةٍ إلى سجن جلبوع بعد حربٍ مع مصلحة السجون.
الأسير المريض بنوعين من السرطان وضعفٍ في عضلة القلب وتضخمٍ في الكبد ووجود ماء في الرئتين، كان يعامل معاملة الأسير المصاب بمرض الزكام في سجن جلبوع، ومن قبله في ما يصطلح الأسرى على تسميته بمسلخ الرملة، إدارة السجون تعامله أينما حل معاملة أي مريض بمرض عابر، مسكنات وفحص عام وفقط، في حين أن الجميع يعرف الإجراءات الصحية التي تتبع مع مريض السرطان خلال رحلة لا يعلم إلا خالقه إن كان ختامها شفاءً أو ابتلاء.
بسام السايح وجسده المكدس بالأمراض لا يعقل أن يشكل خطراً على الاحتلال، وما من مسوغ لاستمرار اعتقاله في ظل الأخبار الأخيرة التي تصل تباعاً عن وضعه الصحي وتؤكد وصوله مرحلة الخطر الأخيرة، غير أن هذه الإجراءات الممارسة بحقه تأتي انتقاماً لتهمةٍ وجهت له بانتمائه لخلية إيتمار والتي نفذت عام 2015، عمليةً أسفرت عن مقتل مستوطنٍ وزوجته؛ انتقاماً لحرق عائلة الدوابشة.
خلال الفترة القصيرة الماضية نُقل الأسير بسام السايح إلى عدة مستشفيات تابعة للاحتلال منها مستشفى العفولة، كما ونًقل من سجن جلبوع الذي حارب لأجل أن ينقل إليه ليعود مرة أخرى إلى مسلخ الرملة، فقد خاض الأسير المريض السايح سلسلة من المطالبات بنقله من عيادة الرملة إلى جلبوع، بعد أن تعرض لكافة صنوف الإهمال الطبي، في عيادة تعامل مرضى السرطان معاملة مرضى الزكام، وقد أبلغ السايح عائلته بنفسه بأن نقله إلى جلبوع أفرحه فقد أصبح بمقدوره أن يتكأ على غيره من الأسرى الأصحاء دون أن يشعر بتأنيب الضمير من أنه قد يزيد من آلامهم، كما كان يحدث في مسلخ الرملة الذي يقبع فيه الأسرى المرضى بسجلات طبية صعبة.
اليوم يواجه الأسير بسام السايح ظروفاً استثنائية من المرض، فقد أصيب مؤخراً بتضخمٍ في الكبد، وضعفٍ متزايد في عمل عضلة القلب، فقد وصلت قدرتها على العمل إلى 25%، وهناك مياه موجودة على رئتيه.
السايح ومنذ العام 2015، وتحديداً في الثامن من شهر أكتوبر، اعتقل لدى الاحتلال بتهمة اشتراكه في تنفيذ عملية إيتمار، وحتى اليوم لا يزال حكمه المؤبد المكرر ثلاث مرات، إضافة إلى 30 عاماً أخرى معلقاً، بسبب أوضاعه الصحية، وهو كذلك يعاني من نوعين من السرطان، في دمه وفي عظامه، منذ قرابة الثماني سنوات، علاوةً على انتكاساته الأخيرة، ولم يعد جسده الهزيل يقوَ على مقاومة المرض، في ظل التطورات الأخيرة في وضعه الصحي.
الأسير السايح يحرم من زيارة عائلته، فزوجته المحررة منى السايح محرومة من حقها في زيارته منذ أكثر من عام بسبب المنع الأمني، وتعاني والدته ظروفاً صحية صعبة تجعلها غير قادرة على زيارته بشكلٍ دوري، أو زيارة شقيقه المعتقل منذ العام 2002 أمجد السايح والمحكوم بالسجن مدة 20 عاماً.
الأسير بسام السايح لديه أحلامه الكثيرة التي يستحق أن يعيشها، طموحه وإنهائه دراسة درجة البكالوريوس في الإعلام والماجستير في التنمية السياسية لا يجب أن يذهب أدراج الرياح، بسام إنسانٌ كسائر أبناء شعبه يحب الحياة ما استطاع إليها سبيلاً، ويستحق أن ينال حريته قبل فوات الأوان.
لا أحد يعلم الوضع الصحي الكامل للأسير السايح كما هو الآن وحجم أوجاعه، الأسير الذي ورغم أمراضه وتعبه الكبير إلا أنه دائم الابتسامة في صوره التي يخرجها لعائلته في الخارج، يُكنّى بين زملائه الأسرى ومعارفه بأبي أيوب وهو اسمٌ يناسب صبره وجلده، بسام كان من الممكن أن يعيش حياة طبيعية غير أنه رفض إلا أن يسترد جزءاً من كرامة شعبه، ولأجل ذلك يستحق أن تحدث لأجل المطالبة بحريته ثورةٌ ما.