تتوزع مشاعر الفلسطينيين وأحزانهم ما بين محطات الاستشهاد والاعتقال، لكن الألم يتضاعف حين تجتمع المحطتان معاً في شخصٍ واحد وفي بيتٍ واحد، فيكون القهر أشد وقعاً على النفس، المواطنة آمنة نزال، من سكان بلدة قباطية، قضاء مدينة جنين، تروي لمكتب إعلام الأسرى، تجربتها مع هذا النوع من الألم.
الأم آمنة نزال تملك أوجاعاً موزعة على نجلها الشهيد مهند، وابنها الأسير يوسف، والذي أمضى 16 عاماً في الأسر، ويخوض حكماً بالسجن المؤبد، تقول بقلبٍ يعتصر ألماً" الاحتلال خطف ابني الطفل حسام برصاصٍ قاتل، واعتقل ابني يوسف بتاريخ 13/3/2003، لتجتمع علينا محطة الاستشهاد والاعتقال معاً".
تضيف نزال" صور يوسف أقوم بنشرها في كل الوسائل، وأشعر دوماً أنه بيننا، فالصورة تشكل حضوراً في قلبي وفينا كعائلة، ويوم اعتقاله كان صعباً وقاسياً، وفي كل عام عند حلول ذكرى اعتقاله، أشعر بضيق وحزن لا يمكن وصفهما، فالاحتلال في يوم اعتقاله جسَّد إرهاباً مرعباً من خلال الاقتحام واعتقاله، ونقله فوراً إلى التحقيق الذي مكث فيه فترة طويلة".
تصف أم يوسف تلك الفترة فتقول" كنت وقتها أسيرةً كمثله، لحزني عليه أعيش الحرمان والقهر وعدم النوم، وكلما أتذكر وجوده داخل الزنازين أشعر بثقلٍ وقهر، وخلال عامين من التمديد والنقل ما بين السجن والمحكمة، صدر حكم المؤبد بحق، وواجه المؤبد بسخرية من القرار وشموخ وثبات وصمود".
تتذكر أم يوسف ردة فعل نجلها على الحكم الفعلي، وتتذكر كلماته حين قال: هذا حكمٌ مرفوضٌ وغير شرعي، وفتحي عين وغمضي عين سترينني في أحضانك"، تعلِّق أم يوسف" هذه الكلمات كانت بلسماً لنا جميعاً، فحكم المؤبد لم يزده إلا قوة وعزة وانتصاراً للحق".
تتابع الوالدة حديثها فتقول" بعد حرماني من الزيارة لمدة ثلاث سنوات، زال المنع وتمت زيارته بشكل مستمر وهو يتواجد حالياً في سجن ريمون، وقد أجريت له عملية جراحية، وخاض كل محطات النضال مع الأسرى، لكن أشد ما يؤلمني هو أن هناك 30 حفيداً لا يعرفون الأسير يوسف عن قرب بل من خلال الصور".
آمنة نزال أكدت على أن ما يجعلها ترفع رأسها بنجلها وتفخر به هو أنه كان قبل اعتقاله متفانياً في خدمة الآخرين ويحبه الجميع، وفي داخل الأسر استغل فترة اعتقاله بالدراسة وحفظ القران غيباً".
تختم آمنة نزال حديثها بالقول" هذا يجعلني في سعادة لا توصف، فالسجن والأسر لم يكن لهما أي تأثير على عزيمة وقوة وإرادة ابني يوسف، وهذا نجاح وبصمة له ولكافة الأسرة، فأحكام المحاكم العسكرية بمئات السنين ليس لها أي تأثير في حياة الأسرى، فهم يسخرون منها، ويعتبرونها هباءً منثوراً لا قيمة لها".