لم يقتصر ملف الاعتقال الإداري المقيت على الأسرى فقط، فهناك عدة أسيرات فلسطينيات يقاسين هذا النوع من الاعتقال دون تهمة ولا مبرر ولا حتى محاكمة، ودون أن يتمكن أحد من الاطلاع على ملف الأسير أو الأسيرة.
ومن بين هؤلاء الأسيرات كانت الفتاة فداء دعمس اخليل (24 عاما) من بلدة بيت أمر شمال مدينة الخليل جنوب الضفة المحتلة، والتي أعلنت ثورتها على هذا الظلم بالإضراب المفتوح عن الطعام حتى إنهاء الاعتقال الإداري.
وتقول والدة الأسيرة فداء لـ مكتب إعلام الأسرى بأن حكايتها بدأت من التاسع والعشرين من أيار/ مايو عام 2018 حين تم اعتقالها من منزلها في البلدة دون أي مبرر، وحين حاولت العائلة الاستفسار عن سبب الاعتقال لاحقاً تم إبلاغها من قبل المحامي أن التهمة هي "التحريض عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك".
وبعد جلسات عديدة ومحاكمات كثيرة تم إصدار الحكم على الأسيرة فداء بالسجن لمدة 95 يوماً، وهنا بدأت العائلة بالاستعداد لاستقبالها فرحةً بانتهاء حكمها، ولكن كانت الصدمة بتحويلها للاعتقال الإداري.
وتوضح والدتها أم يوسف بأن تلك اللحظة كانت قاهرة بالنسبة للعائلة؛ فهي كانت تنتظر بفارغ الصبر الإفراج عنها ولكن جاء الاعتقال الإداري ليحطم فرحتها ويقضي على أحلامها، خاصة أنه لا سقف واضحا له ومن الممكن أن يتجدد عدة مرات وهو ما حدث.
وتضيف:" حاولنا أن نفهم عبر المحامي ما سبب تحويل فداء للاعتقال الإداري فكان رد الاحتلال أنه ملف سري، فبدأنا نقاسي هذا النوع من الاعتقال الذي رأيناه أصعب بكثير من الحكم العادي".
بيت فارغ
فداء كانت طالبة في سنتها الرابعة الأخيرة في جامعة القدي المفتوحة بتخصص المحاسبة حين تم اعتقالها، لتمضي حتى الآن 14 شهرا في الاعتقال الإداري حزينة على فرحة التخرج التي كان يجب أن تعيشها قبل الاعتقال.
وتشير والدتها إلى أن فداء تعاني من أوجاع في القولون ما تسبب لها بنزيف داخلي عدة مرات؛ وهو ما لاقته مصلحة السجون الصهيونية بالإهمال الطبي وعدم الاكتراث لأوجاعها، كما أنها مع كل تجديد للاعتقال تشعر بالإرهاق النفسي وهو ما يظهر جليا في الزيارات.
وتتابع:" في الزيارة الأخيرة كان تصريح الزيارة الخاص بي انتهت مدته، فتمكنت شقيقتها من زيارتها لتبلغها فداء بنيتها بدء إضراب مفتوح عن الطعام كي لا يتم تجديد الاعتقال الإداري لها والذي ينتهي في الثالث عشر من أغسطس/ آب القادم، ولكن شقيقتها شعرت بالقلق عليها فيما بدت فداء قوية الإرادة رغم آلامها".
وتعرب العائلة عن قلقها تجاه صحة ابنتها منذ بدء فداء إضرابها؛ ولكنها في الوقت ذاته تؤيد خطوتها وتعتبر أنها قد تنهي كابوس الإداري الذي طال أمده.
الوالدة الحزينة تصف البيت بأنه فارغ في غياب ابنتها التي كانت كل شيء بالنسبة لها، فهي ساعدها الأيمن وهي من تؤنسها وتتبادلان الحديث والضحكات كل يوم، مبينة بأنها تشعر بالتعب والمرض منذ اعتقالها.
وتضيف:" أوجه رسالتي لكل العالم بأن يضغط على الاحتلال كي ينهي ملف الاعتقال الإداري ليس فقط عن فداء وإنما عن كل الأسرى الإداريين".
وكانت الأسيرة فداء اعتقلت عام 2015 لمدة ستة أشهر بحجة رشق الحجارة.