لم تكن تعلم عائلة حسنين أن شهر رمضان المبارك سيمر عليها هذا العام بكثير من أسى وقهر وقلق، ففي غضون لحظات تحول اسمها إلى عائلة أسير جريح مهدد ببتر ساقه أو جزء منها.
أما العيد فلم تشعر فيه لحظة واحدة وكانت الدموع بديلة للتهاني ومحاولة الوصول لأي خبر عن ابنها الفتى محمد (17 عاما) بديلا عن استقبال الضيوف، بينما يرقد الفتى في إحدى الغرف مكبلا يصارع جسده قهر السجان وألم الإصابة.
الحكاية بدأت في الخامس عشر من مايو الماضي بعد أن تناول محمد ابن الصف الحادي عشر طعام الإفطار مع عائلته وخرج يتحدث مع أصدقائه بالقرب من منزله الواقع قرب المدخل الشمالي لمدينة البيرة، ولم يكن يعلم أن هذه الليلة ستغير حياته.
ويقول والده أبو أنس لـ مكتب إعلام الأسرى إن نجله وحين كان يلهو مع أصدقائه انفجرت قداحة صغيرة كانت معه ثم تفاجأ بعدها بطلقات نارية صوبه من طرف قوات الاحتلال التي تقيم برجا عسكريا على مقربة من المكان، فأصابت إحدى الرصاصات ساقه اليمنى وبقي على الأرض ينزف ويحاول النهوض دون فائدة، حتى جاءت مجموعة من الجنود واعتقلته واقتادته وهو مصاب إلى مكان مجهول.
ويوضح الوالد بأن العائلة سمعت صوت إطلاق النار ولكنها ظنت أنها مجرد مواجهات أو تدريبات، وبعد وقت قصير أبلغ سكان المنطقة وشهود عيان الوالد بأن نجله أصيب واعتقل.
ومنذ ذلك الحين بدأت العائلة حكاية القلق على مصبر نجلها، فمكان الجريمة امتلأ بدمائه التي سالت على الشارع والتي تظهر أن الجنود انتظروا وقتا طويلا قبل أن يتم نقله، كما أن ملابسه تُركت في المكان وهي منقوعة بالدماء.
ويشير الوالد إلى أن محمد نقل إلى مستشفى "شعاريه تسيدك" وما زال متواجدا فيه وهو مكبل بالسرير، حيث تمكن من رؤيته مرة واحدة فقط بسبب امتلاكه تصريحا لزيارة ابنته المشلولة في إحدى مستشفيات الداخل المحتل، وحين رآه كان في غرفة العناية المكثفة غير قادر على الحراك.
ويضيف:" خضع محمد منذ اعتقاله لست عمليات جراحية وفي كل مرة يتم استئصال جزء من الساق بسبب موتها وتعفنها لعدم وصول الدم إليها، حيث تبين أن الرصاصة التي أصابتها من النوع المتفجر وأحدثت ضررا كبيرا فيها من تهتك للأوعية الدموية وقطعت الشريان الرئيسي".
وتخشى العائلة المكلومة أن يفقد محمد القدرة على استخدام ساقه والسير عليها، حيث من المرجح إن بقيت دون بتر أن تبقى مجرد منظر فقط.
تهم زائفة
ولا يقتصر الأمر على قلق العائلة من قضية الساق المصابة؛ بل إن الاحتلال يحضّر لمحمد تهما زائفة تتعلق بنيته إلقاء زجاجات حارقة صوب أهداف صهيونية وهو ما نفته العائلة قائلة إنه كان يلهو بقداحة مع أصدقائه فقط.
ويبين أبو أنس بأن قوات الاحتلال قامت بسحب تصريح الزيارة منه حتى الذي كان يزور بواسطته ابنته المريضة، كما أنه يمنع أي فرد من العائلة من رؤيته أو معرفة وضعه الصحي عن قرب بينما يتواجد عدد من الجنود على باب غرفته بشكل دائم.
وتطالب العائلة بالسماح لها على الأقل بزيارة ابنها مناشدة بالاهتمام الإعلامي بملفه خاصة فيما يتعلق بإصابته والتهم التي تحاول قوات الاحتلال إلصاقها به للتغطية على جريمة إطلاق النار على فتى أعزل من قبل جنود مدججين بالأسلحة.