أكثر الروايات صدقاً هي التي تأتي من الميدان ويعيش أصحابها التجربة بمرارتها وإجراءاتها القاسية، المحرر المسن عبد الحليم باشا(59عاماً) من سكان مدينة قلقيلية، والد الشهداء، تحرر من الأسر مساء يوم الاثنين، بعد أن صدر بحقه حكمٌ بالسجن الفعلي مدة خمسة أشهر، وحكمٌ بدفع غرامة مالية بقيمة 15 ألف شيقل، يشارك مكتب إعلام الأسرى قصة مرضه وقصص الأسرى المرض في سجن جلبوع.
يقول المحرر الحاج عبد الحليم في لقاءٍ مع مكتب إعلام الأسرى" الأسرى المرضى في سجون الاحتلال نماذج محزنة، فهم يواجهون السجن والسجان والمرض بأجساد هزيلة تفتك بها الأمراض يوماً بعد يوم، وأنين أوجاعهم يدمي القلوب، فهم يواجهون مصلحة سجونٍ لا ترحم، وتعاقبهم على ملفاتهم الأمنية".
بسام السايح (أبو أيوب)
يصمت الحاج عبد الحليم برهة من الزمن للحديث عن أصعب حالات السجون المرضية، وهو الأسير بسام السايح من مدينة نابلس والمكنى "أبو أيوب" ويقول" الأسير بسام السائح المكنى بأبي أيوب له من كنيته نصيب، فهو يتحمل صبر نبينا أيوب عليه السلام، فالسرطان ينهش جسده، وقد كنت أشاهد تألمه ووجعه، ومع ذلك فهو صابر محتسب، ينتظر حكماً مؤبداً بالرغم من معاناته من ثلاثة أنواع من السرطان في الدم والعظم والرئة".
يضيف الحاج عبد الحليم" بسام يترك في سجن جلبوع حيث كنت معه بهذه الحالة، يزور العيادة التي لا تعطيه سوى المسكنات، وعند الحديث معه فإنك تتحدث عن قامة شامخة صابرة، يحاول إخفاء الوجع والألم، منسوب معنوياته لا يمكن أن تتخيله، فهو صاحب همة، ومصلحة السجون تعرف ملفه الطبي بشكل كامل، ومع ذلك تتجاهله وتتعامل معه كحالة مرضية عادية؛ انتقاماً منه، لاتهامه بعلاقته بخلية بيت فوريك "خلية ايتمار" عام 2015، والذين صدرت بحقهم أحكام مؤبدة".
الصهر صالح أبو صالح
ينتقل الحاج عبد الحليم الذي آثر الحديث عن أمراض رفاقه الأسرى على مرضه ومعاناته، إلى الحديث عن صهره زوج ابنته الأسير صالح أبو صالح، يقول" كنت معه في سجن جلبوع، وكانت تأتيه الحالة العصبية، وهذا المشهد كان يؤلم الجميع، فهذا الأسير ترك خلفه طفلان يحتاجان إليه فهما مرضى بالكلى، ويحتاجون إلى متابعة مع الأطباء والمشافي، ووجعه من مرضه ومرض أطفاله".
يتابع الحاج عبد الحليم الحديث عن صهره الأسير ويقول" الاحتلال يحاكمه وهو في هذا الوضع الصحي والنفسي، وعيادات السجون عبارة عن أماكن لتعذيب الأسرى المرضى باسم المراجعة الطبية، فلا اهتمام بصحتهم، ويتم عرضهم على الطبيب العسكري بشكل روتيني، ولا علاقة له بالتقييم الصحي للمريض، ويتم تعذيب المريض بمسكنات لا علاقة لها بطبيعة المرض، وينال الأسير المريض عذاب العيادة ذهاباً وإياباً بشكل شبه متكرر".
الغرامات المالية
يتحدث المحرر الحاج عبد الحليم الباشا عن الغرامات المالية فيقول" المحاكم العسكرية أصبحت محاكم جباية، تهتم بفرض الغرامات المالية على الأسرى لابتزازهم، فأنا دفعت 15 ألف شيقل وغيري دفع عشرات الآلاف، وجميعها مبالغ تذهب لخزينة جيش الاحتلال، فهم يعتقلون المواطنين ويجبرونهم على دفع غرامات باهظة انتقاماً منهم، فالأسرى يواجهون أحكاماً ظالمة بالسجن الفعلي وغرامات باهظة، وهذا الأمر يجب أن يتوقف من خلال حملة قانونية من كل الجهات الحقوقية والدولية".
يرى المحرر الباشا بأن هناك قرصنة مالية بحق الأسرى وعائلاتهم التي لا تستطيع توفير هذه الغرامات التي تثقل كاهلهم، والاحتلال يتعمد من خلال هذه الغرامات زيادة فقر عائلات الأسرى.