بصوتٍ حزين، وعيونٍ تغرق بالدموع تحدثت أم صهيب، زوجة الأسير عماد صلاح عبد الفتاح القواسمة (44عاماً) من سكان مدينة الخليل، لمراسل مكتب إعلام الأسرى، عن ألم غيابه عن مائدة الإفطار منذ 15 عاماً.
تقول الزوجة الصابرة، أم صهيب" تزوجنا قبل 20 عاماً، قضيت معه شهر رمضان مرة واحدة، وباقي السنوات كانت بين المطاردة والاعتقال، وكلما كان يأتي رمضان كنت أشعر بأني جسدٌ بلا روح، فروحي ترافقه منذ 15عاماً خلف القضبان، تأن من فرط الاشتياق، وطيفه يلازمني ليل نهار على مائدة السحور والإفطار".
تصمت أم صهيب قليلاً، تتنهد وتكمل" ما زال مكانه محفوظاً على مائدة الإفطار، خلال أيام رمضان أعد طعام الإفطار لنا برفقة دموعي، وأتمنى في قلبي لو أنه معن ، فالبيت في بُعده فارغ، ووجوده كان يبعث البهجة والسرور، كان يساعدني في إعداد الطعام بابتسامة جميلة، ويصحبني لصلاة التراويح، اليوم أُصلي الفجر وأدعو الله بقلب متأمل برحمته أن يعجل له بالفرج".
تعود الزوجة بذاكرتها إلى ما قبل 20 عاماً، تقول" تزوجت من أبي صهيب، ولم يمضِ على زواجنا سوى أشهر معدودات، فرزقنا بالتوأم، أسيد وصهيب، ليصبح بعدها مطارداً لثلاث أعوام ونصف، أُلاحقه أينما حل وأرقبه بقلبي، مررت بوقت عصيب جداً، وخلال المطاردة أنجبت ابنتي جنات، ولم يتمكن والدها من رؤيتها إلا بعد أسبوع، وبالرغم من كل ذلك كنت قوية".
تضيف أم صهيب" بقيت قوية حتى سمعت بخبر اعتقاله، وكان ذلك في أكتوبر من العام 2004، حيث نزل الخبر على مسمعي كالصاعقة، فقد كانت الأخبار تتحدث حينها عن محاصرته بأعداد كبيرة من الجنود خلال عملية عسكرية واسعة استخدمت فيها الطائرات والدبابات بشكل كبير، وقصف المنزل الذي يتحصن فيه، قبل أن تتمكن قوات الاحتلال من اكتشاف نفق تحت الهدم يقود إلى المكان الذي يتواجد فيه".
تعرض أبو صهيب لتحقيقٍ قاسي وعنيف لأكثر من ستة أشهر، تقول زوجته" مُنعنا خلالها من زيارته، وقد تمكنت من رؤيته للمرة الأولى في المحكمة بعد انتهاء التحقيق، وبعد عدة أعوام أصدرت محكمة الاحتلال في عوفر بحقه حكماً بالسجن المؤبد ١٦ مرة؛ بتهمة المشاركة في عملية عسكرية أدت لمقتل وإصابة العشرات من الصهاينة، فاحتسبت ذلك عند الله، ليعود الاحتلال ويحرمني وأبنائي من رؤيته لمدة أربع أعوام متتالية بسبب الرفض الأمني، والذي ما زال قائماً لليوم، حيث يسمح الاحتلال لي بالزيارة مرة كل ستة أشهر".
ومن بين المحن تخرج المنح والسعادة ، فقد رزق الله عائلة الأسير أبو صهيب بأميرة صغيرة أسموها جلنار، وذلك عن طريق النطق المهربة، لتعيد لحياتهم قليلاً من البهجة والسرور.