لأجل حضور محاكمة أبنائهم في محكمة سالم لعدة دقائق بصمت، تتحمل عائلات الأسرى مشاق السفر منذ الصباح الباكر وحتى ساعات المساء، وفي شهر رمضان تتضاعف المعاناة والعذاب، فمنذ وجبة السحور تستعد العائلات للسفر إلى رحلة عذابٍ ممزوجة بإجراءاتٍ أمنية، وانتظارٍ وتفتيشٍ وإذلالٍ حتى دخول قاعة المحكمة.
والد الأسير الطفل أحمد صبري، عيسى صبري، تحدث لمكتب إعلام الأسرى حول معاناة هذه الرحلة، يقول" قبل يومين ذهبت إلى محكمة سالم لحضور محاكمة ابني أحمد في قسم الأطفال في سجن مجدو، وكانت الرحلة في شهر رمضان أكثر قساوة من الرحلة السابقة قبل حلول الشهر الفضيل، فالسفر من قلقيلية إلى محكمة سالم يزيد عن 200 كم ذهاباً وإياباً".
يضيف صبري" كما أن إجراءات المحكمة الأمنية تزيد من الطين بلة، فالاحتلال يزيد من إجراءاته بشكل متعمد في شهر رمضان، وقد شاهدت آثار التعب الجسدي والنفسي في صفوف العائلات التي خرجت بعد تناول وجبة السحور حتى تحجز دوراً للدخول إلى قاعة الانتظار قبل بدء المحاكم العسكرية".
يؤكد صبري على أن الإرهاق الجسدي والنفسي ليس وحده ما يواجه عائلات الأسرى، فرؤية الأبناء داخل المحكمة بعد رحلة عذاب لهم في البوسطة من سجنهم إلى المحكمة أيضاً تكون من العذابات التي تواجه عائلات الأسرى، ومع كل هذه العذابات تتحمل العائلات من أجل رؤية الأبناء ورفع معنوياتهم، فالتضحية ليس لها سقفٌ لعائلات الأسرى التي تصل محكمة سالم من كافة أنحاء شمال الضفة الغربية".
بدورها تحدثت زوجة الأسير المريض لؤي فريج حول معاناة هذه الرحلة التي لمستها شخصياً، تقول" الرحلة إلى سالم صعبة، وفي رمضان تكون أكثر ألماً ووجعاً، فالزوجة تترك العائلة وتذهب لحضور المحكمة، وتعود في وقتٍ متأخر، ويكون هناك صعوبة في تجهيزها للطعام، إضافة إلى تعمد الاحتلال التضييق على العائلات عبر تشديد الإجراءات والتأخير المتعمد، وهذا التأخير يؤثر علينا كعائلات أسرى وعلى الأسرى أنفسهم، فقد أخبرونا بعد التمكن من زيارتهم لاحقاً أن حضور المحكمة في شهر رمضان كابوسٌ يؤثر عليهم لعدة أسابيع بعد انتهاء المحكمة".
أما المسن محمود عفانة، أبو سامح(80عاماً) من سكان قلقيلية، فيقول" يقبع أولادي محمد سامح وميسرة في سجن مجدو منذ قرابة العام، ولا أستطيع حضور المحكمة في شهر رمضان، كما لا تستطيع والدتهم أيضا حضور المحكمة، فالسفر والانتظار والتأخير لا يقوَ عليه أمثالنا، ويحتاج إلى أقوياء؛ فالاحتلال يجعل من حضور عائلات الأسرى المحكمة العسكرية قطعة من العذاب حتى تمتنع العائلات من القدوم مرة ثانية، فأنا أستطيع وصف محكمة سالم بالمحكمة القاتلة التي تقتل بصمت قلوب وأجساد عائلات الأسرى القادمة من مناطق بعيدة".
ويقول شقيق الأسير المسن عبد الحليم باشا(59عاماً)، إسماعيل باشا، والذي يعاني من عدة أمراض" حضور محكمة سالم في شهر رمضان له عدة أخطار على العائلات، لأن السفر يكون مبكراً، وعند العودة تكون العائلات في حالة إنهاك من إجراءات المحكمة، أما الصعوبة الأكبر فهي على الأسرى المرضى، فالاحتلال لا يراعي وضع الأسرى المرضى عند إحضارهم للمحكمة في شهر رمضان، فشقيقي الأسير عبد الحليم يحتاج إلى لأنسولين ودواء الضغط، وفي حال استخدام البوسطة والحجز في غرفة المحكمة "الأمتانا" وغيرها من الإجراءات يزداد وضعه الصحي سوءاً".
المحامي وسام إغبارية من الداخل الفلسطيني أوضح بأن مصلحة السجون في شهر رمضان لا تراعي عملية النقل للأسرى، فالإجراءات تبقى كما هي، بل وتزداد تعقيداً، يقول" عند وصول الأسرى للمحكمة يتم تأخيرهم كما أفاد الكثير من الأسرى في لقاءات معهم بعد الزيارة داخل سجونهم، وبالرغم من التقدم بعدة طلبات لتسهيل محاكمة الأسرى في شهر رمضان لهيئة المحكمة وتأجيل المحاكم، لا توجد استجابة بل إصرار على إجراء المحاكمات بذات الروتين المعمول به على مدار العام، بينما في أعيادهم ومناسباتهم يتم أخذ الأمر بجدية وتؤجل المحاكم العسكرية لأجل ذلك".