الكثير من المشاعر المقهورة حملتها رسالة الأسير سليم الرجوب (٤٨ عاما) من مدينة دورا جنوب الخليل جنوب الضفة المحتلة؛ والذي خاض إضرابا ثالثا عن الطعام خلال أقل من عام رفضا لاعتقاله الإداري.
ولا تختلف حكاية الأسير الرجوب عن بقية الأسرى الإداريين الذين قاتلوا بأمعائهم الخاوية حتى يضمنوا حقهم بالحرية ورفض الإداري الذي ينهش أعمارهم ويبعدهم عن فلذات أكبادهم ظلماً، ولكن طباع الاحتلال في التنصل من الاتفاقيات طُبقت على حالة الأسير.
وتقول زوجته أم فراس لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال اعتقلت زوجها في أول يوم من العام الماضي ٢٠١٨ بعد مداهمة منزله في دورا، وبعد ساعتين ونصف من التحقيق والاستجواب داخل المنزل تم نقله عبر الآليات العسكرية إلى السجون الصهيونية بينما هو مستبشر بالفرج القريب لأن التحقيق أثبت عدم وجود أي تهمة عليه.
أيام قليلة حتى أصدر القاضي بعدها قرارا بالإفراج عن الأسير لعدم ثبوت أي أدلة تدينه؛ ولكن مخابرات الاحتلال قررت الإبقاء على اعتقاله دون مبرر لتصدر قرارا بحقه بالاعتقال الإداري دون تهمة ولمدة ستة أشهر.
وتوضح أم فراس بأنها صدمة عاشتها العائلة ولكنها صبرت واحتسبت وظنت أنها مجرد أشهر قليلة ويتحقق الإفراج؛ ولكن الاحتلال وبعد أن أنهى الأسير الأشهر الستة الأولى قام بتجديدها مرة أخرى.
هنا كان الرد من الأسير في شهر تموز/ يوليو الماضي بإعلان إضرابه المفتوح عن الطعام؛ ولكنه استمر لثمانية أيام فقط منتزعاً قرارا بالحرية بعد فترة قصيرة، لينكث الاحتلال العهد.
وتبين زوجته بأن الاحتلال كان من المفترض أن يفرج في آخر العام الماضي عن زوجها ولكن الاحتلال نكث وعده؛ فرد الأسير بإعلان إضرابه للمرة الثانية في الثاني من يناير الماضي لمدة ١٤ عاما عانى خلالها من آلام في المعدة ونقص في الوزن وعدم قدرة على الحراك، فأعاد الاحتلال وعده المنقوص بحرية قريبة وأخلفه مرة ثانية.
وكانت هذه المرة الثالثة التي يعلن فيها الأسير إضرابه بعد تجديد اعتقاله الإداري رغم وعده المستمر بالإفراج من طرف الاحتلال، وهو إضراب أقوى وأصلب كما تصفه عائلته وبعزيمة حديدية.
وتضيف أم فراس:" هذه المرة لمست من رسالة أرسلها زوجي لنا بأنه صمم للغاية على الإضراب وأنه خاضه بعزيمة أقوى من الإضرابين السابقين، كما أنه كتب في رسالته بيتا من الشعر فإما حياة تسر الصديق وإمما ممات يغيظ العدا، وهنا كان المغزى بأنه مستمر في إضرابه حتى لو كلفه حياته لأن الاحتلال نكث بالوعد مرتين".
ومع صباح الأحد أعلنت عائلة الأسير انتصاره في معركته خلال هذا الإضراب الذي استمر ٢٥ يوما بعد رضوخ الاحتلال لمطلبه بتحديد سقف للاعتقال الإداري ليكون الإفراج عنه في التاسع والعشرين من أغسطس القادم.
الأسير اعتقل قبل ذلك ثلاث مرات اثنتان منها في الاعتقال الإداري؛ حيث وصل مجموع ما أمضاه ثمانية أعوام جلها في الإداري البغيض الذي دفع ثمنه من حياته مع عائلته وفي عمله حيث يعمل منذ ١٨ عاما مدرّسا للغة الإنجليزية جنوب الخليل.
عائلة مقهورة
والأسير الرجوب متزوج ولديه ستة أبناء أصغرهم يبلغ من العمر عامين لم يكد يعرف والده حتى اعتقل، ويعيشون جميعا أيام قهر وحزن وقلق عليه منتظرين الإفراج القريب.
ويقول نجله الأكبر فراس لـ مكتب إعلام الأسرى إن القلق هو ما يحيط بهم كل يوم بسبب إطالة الاحتلال في التعنت بالإفراج عنه؛ مبينا بأن أشقاءه الصغار بدأت نفسيتهم بالتعب بسبب استمرار الاعتقالات.
ويوضح بأن أبناء الأسير لم يعيشوا مع والدهم حياة عادية بل كانت مليئة بالاعتقالات وخاصة الإداري الذي يحرم الأسير من عائلته.
وخلال أيام الإضراب الأخير عادت العائلة للفعاليات التضامنية والاعتصامات المطالبة بالإفراج عنه والتي كان آخرها وقفة على دوار ابن رشد في مدينة الخليل.
بدورها تختتم الزوجة حديثها بالقول:" ليس سهلا أبدا أن يغيب أي شخص عن عائلته كل هذه الفترة وزوجي لا يطالب إلا بالحرية لأن الاعتقال فيه ترهيب للأطفال وكبت للحرية وهي أبسط ما يطلبه الإنسان، وبالنسبة للإضراب فأنا ناصرته فيه لأن ما نعيشه هو حياة قهر وإن كان فيها موت فأهلا بالموت لأجل الكرامة الإنسانية وكنا معه حتى الانتصار بفضل الله، فهذا حق إنسان يضيع وأين كرامة الإنسان من هذه الاعتقالات الجائرة!"