لشهر رمضان المبارك في سجون الاحتلال شكلٌ وطعمٌ آخر، فالاستعداد له يبدأ قبل أيام، ورغم الظروف القاسية التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال، إلا أنهم يحاولون في هذا الشهر أن يتناسوا جراحهم ومعاناتهم، وأن يعيشوا هذا الشهر بكل تفاصيله الجميلة من عبادة ومرح وإعداد الطعام وإقامة المسابقات الترفيهية، ويتكيفون مع كل الظروف بصبر وإرادة حديدية.
مكتب إعلام الأسرى يسلط الضوء على حياة الأسرى داخل السجون في شهر رمضان واصفاً السجون بأنها خلية نحل حقيقة، فرمضان لا يعتبر شهراً للكسل أو النوم بالنسبة للأسرى، بل على العكس هو شهر للعمل والعبادة، ويستغل الأسرى كل دقيقه منه في قراءة القران، وقيام الليل، والابتهال إلى الله بالدعاء بتفريج كربهم، والتزاور فيما بينهم، وصناعة الحلويات وغيرها.
سلطات الاحتلال وإدارة سجونها لا يروق لهم أن يروا الأسرى سعداء فرحين بقدوم هذا الشهر الفضيل وأن يستغلوه في العبادة، لذا تتعمد في كل عام أن تلجأ إلى التنغيص عليهم في هذا الشهر المبارك، وكسر فرحتهم، وتنفيذ الإجراءات التي من شأنها أن تعكر صفو هذا الشهر، وتلهيهم عن العبادة فيه، فلا يشعروا بخصوصية شهر رمضان.
وأوضح إعلام الأسرى أن من هذه الإجراءات، تصعيد عمليات الاقتحام والتفتيش والاستنفار الدائمة التي تمارسها الإدارة بحق الأسرى تحت حجج وذرائع واهية، والتي تستمر أحياناً منذ الصباح وحتى موعد الإفطار، أو تبدأ بعد الإفطار وتنتهي بعد أذان الفجر بعدة ساعات، وكذلك عمليات النقل بدون مبرر، وحرمان الأسرى من أداء صلاة التراويح بشكل جماعي في ساحة السجن، مما يضطر الأسرى إلى أدائها داخل الغرف بشكل منفرد.
وبيّن إعلام الأسرى بأن رمضان يأتي هذا العام ولا تزال السجون تعيش تداعيات الأحداث المريرة التي شهدها سجني عوفر بداية العام، وسجن النقب في شهر مارس، والتي أصيب خلالها أكثر من 200 أسير بجراح بعضها كانت خطيرة، وكذلك لا يزال أثر العقوبات التي فرضتها إدارة السجون على الأسرى خلال الأحداث، جاثماً على صدورهم حيث وعد الاحتلال بإنهاء كافة العقوبات، بعد الاتفاق الذي جرى مع قيادة الحركة الأسيرة في نيسان الماضي.
الأسير المحرر والمختص في شؤون الأسرى ثامر سباعنة وصف اليوم الأول في رمضان داخل السجون في حديثه لمكتب إعلام الأسرى، يقول" الأسرى ينتشرون في ساحات القسم أو الغرف أو الخيمة بنشاط وعمل دؤوب تحضيرًا لإعداد الحلقات الرمضانية في قراءة القرآن والذكر والدعاء، وحين يشتد القيظ بعد صلاة الظهر، يعمّ الهدوء أرجاء المكان حتى تنال أجسادهم قسطاً من الراحة؛ فهنا مجموعة قد غطّت في القيلولة، وأخرى تتابع التلفاز، وثالثة تقرأ الكتب، وتستمر استراحة العابد المجاهد تلك حتّى صلاة العصر".
يضيف سباعنة" في المساء ومع اقتراب موعد الإفطار، يتجمّع الأسرى في حلقات الذّكر والدّعاء من جديد، بينما ينشط الإخوة المسؤولون عن الطبخ لإعداد الطعام وخاصة "الشوربة" التي تعتبر الوجبة الافتتاحيّة في الإفطار، ويبدأ بعض الأسرى في توزيع التمور على البقيّة، ومع صوت المؤذن يسارع الجميع في تناول حبات التمر وطبق الشوربة المُعدّة لهم، ثم يؤدون صلاة المغرب جماعة، وبعدها تبدأ وجبة الإفطار".
يوضح سباعنة أنه ومع اقتراب موعد صلاة التّراويح يُحضّر الأسرى الدروس والمواعظ، بالإضافة إلى المسابقات الدينية الهادفة، يقول"وبعد الصّلاة يكونوا أحراراً كُلٌ حسب قدرته في قيام الليل أو قراءة القرآن والكتب الهادفة، حيث يتسابق المتسابقون في التقرب إلى الله بالطاعات؛ فهذا ختم القرآن أربع مرّات وذاك عشراً، وأسيرٌ آخر يقوم ربع اللّيل وآخر نصفه وذاك كله، طمعًا في الثواب والأجر".
الأسير المحرر سالم عباس سلطان من الخليل والذي تحرر قبل 10 أيام، بعد أن أمضى محكوميته البالغة أربع سنوات ونصف في سجون الاحتلال، يقول" إن الأوضاع في السجون تختلف مع اقتراب شهر رمضان الذي يعتبر ضيفاً عزيزاً على قلوب الأسرى، حيث يبدأ كل أسير بإعداد برامج رمضاني خاص به لقضاء الشهر، هذا عدا عن البرامج العامة التي تعدها قيادة الحركة الأسيرة للجميع، وتشمل العمل الجماعي من صلاة وإعداد مسابقات وليالي سمر وغيرها".
يضيف المحرر سلطان" إن شهر رمضان من أجمل الشهور التي تمر على الأسرى رغم الأسر والحرمان من الحرية والبعد عن الأهل والأحبة، ولكن يحاول الاحتلال أيضاً تعكير صفو هذه الأجواء الجميلة بممارسته الإجرامية والقمعية بحق الأسرى، وخاصة عمليات التفتيش والاقتحام التي تستمر ساعات، وتضيع الوقت على الأسرى عوضاً عن الاستفادة منه.
مكتب إعلام الأسرى يطالب كافة المؤسسات الإنسانية والحقوقية وفى مقدمتها الصليب الأحمر الدولي، الضغط على الاحتلال لمراعاة خصوصية هذا الشهر، واحترام الشعائر الدينية للأسرى، ووقف كل أشكال التنكيد عليهم، وتوفير الاحتياجات الأساسية التي يحتاجونها في هذا الشهر الفضيل.