يوما بعد يوم تثبت نجاعة سلاح الإضراب عن الطعام في مواجهة قرارات الاحتلال الجائرة بحق الأسرى، ففي ظل انتصار الحركة الأسيرة في إضراب الكرامة الثاني واصل خمسة أسرى إضرابهم الفردي عن الطعام رفضا للاعتقال الإداري البغيض.
ويرفض أصحاب هذه المعركة أنصاف الحلول؛ فالحرية فقط هي ما يلوح أمامهم مع مواصلة جوعهم مطالبين بالعودة إلى أهاليهم وعائلاتهم ومنازلهم التي حُرموا منها دون تهمة ولا محاكمة بل لمجرد مزاج مخابرات الاحتلال الذي قرر أن يكونوا محرومين من أبسط الحقوق.
المعلم الأسير
ومن بين قصص البطولات في الإضراب المفتوح عن الطعام حكاية الأسير خالد فراج (٣١ عاما) من مخيم الدهيشة جنوب مدينة بيت لحم والذي ما زال مستمرا في إضرابه منذ السادس والعشرين من مارس الماضي.
ويقول نجيب فراج عم الأسير لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال داهمت منزل ابن شقيقه خالد في المخيم ولم تجده فسلمت عائلته بلاغ استدعاء للمقابلة صبيحة اليوم التالي الذي وافق الثالث والعشرين من يوليو عام ٢٠١٨، وحين توجه للمقابلة تم اعتقاله ونقله إلى السجون.
ويوضح بأن الاحتلال قام بإجراء محاكمة شكلية للأسير فراج بتهمة التحريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي التهمة التي يوجهها لمئات الأسرى بغرض إبقائهم في الأسر وتبرير اعتقالهم.
ويضيف:" بعد عدة أيام من اعتقاله قررت المحكمة الإفراج عنه بكفالة مالية لأنه لا توجد مبررات حقيقية لاعتقاله ولكن مخابرات الاحتلال رفضت ذلك واستأنفت على القرار ليتم تجميد الإفراج عنه وتحويله للاعتقال الإداري".
بقي الأسير في السجون يكابد مرارة هذا الاعتقال حتى انتهت فترته الأولى وتم تجديده له دون أي مسوغ قانوني، ومن هناك أعلن الأسير بدء إضرابه عن الطعام رفضا لهذا الظلم.
ويشير عمه إلى أن الأسير خالد اعتقل مرتين سابقا لدى الاحتلال؛ الأولى كانت عام ٢٠٠٨ لمدة ١٤ شهرا والثانية عام ٢٠١١ لمدة ثلاث سنوات، علما أنه يعمل مدربا ومدرسا للتربية الرياضية ومعروف بحبه لطلابه وعمله الدؤوب معهم، وهو خريج من جامعة القدس وكان يعمل في مكتبة صغيرة ملكها والده الذي توفي أثناء اعتقاله الأخير دون أن يتمكن من وداعه، علما أنه أمضى من سنوات عمره عشرة أعوام في السجون.
تدهور مستمر
أما حالته الصحية فتتدهور باستمرار حسب ما يصل عائلته؛ فجسده فقد الكثير من وزنه ومن مخزون الماء فيه بسبب استمرار الإضراب.
ويوضح عمه بأن خالد فقد القدرة على السير والوقوف بمفرده مع استمرار الاحتلال في التعنت ورفض الاستجابة لمطالبه، كما أن جسده بدأ بتقيؤ الماء ورفضه.
ويضيف:" آخر سلاح أمام الأسير في الاعتقال الإداري هو الإضراب لأن الاحتلال فقط يتلاعب بهم ويريدهم أن يمضوا أطول الفترات في السجون، أما الأهالي فليس أمامهم إلا التضامن مع أبنائهم والقيام بالفعاليات المساندة لهم كي يساعدوهم على الاستمرار في الإضراب".
ويؤكد بأن الأسير خالد يصر على مواصلة الإضراب حتى الحرية لأن اعتقاله كيدي ولا توجد أي مادة قانونية ضده، لافتا إلى أن الاحتلال يمنع عنه زيارات المحامين وبالتالي يسبب القلق لعائلته بشكل متعمد.
وحول الوضع القانوني للأسير توجهت العائلة لما تسمى بمحكمة العدل العليا الصهيونية ولكن الاحتلال أبلغهم بأنه خلال الأعياد لا تُعقد جلسات وهو الأمر الذي يظهر عدم اكتراث بصحة الأسير كما أن الاحتلال يمنع أي طبيب من زيارته ومعاينة حالته الصحية بعد توجه العائلة إلى منظمة أطباء لحقوق الإنسان.