عام كامل من التحديات مرّ بمعاناته على آلاف الأسرى وامتداد ذلك على عائلاتهم، لم يختلف في مضمونه كثيرا عن أي عام آخر فكانت همومهم تتشابك مع أوجاعهم التي يعيشونها في مقابر الأحياء.
ولكن في هذا العام يطل يوم الأسير الفلسطيني وكرامة الأسرى ترفض المساومة على حقوق هي أبسط ما يكون، يمر في ظل الإنتصار بمعركة إضراب الكرامة الثانية التي خاضها مئات الأسرى رفضا لعقوبات فُرضت عليهم منذ سنوات وسط تحريض وعنصرية تطال شخوصهم وتنتقص من حرياتهم المعدومة أصلا .
أما أبرز المحطات التي شكلت اعتداء صارخا على أسرانا فتندرج كالتالي:
القوانين العنصرية
يعتبر الناشط الفلسطيني الشعبي والمحرر صلاح الخواجا بأن الحركة الأسيرة تعرضت لجملة من الانتهاكات على يد الاحتلال خلال الفترة الأخيرة أوصلت حال الأسرى إلى الأسوأ على الإطلاق.
ويقول لـ مكتب إعلام الأسرى إنه خلال هذه الفترة تم إقرار العديد من القوانين العنصرية التي تهاجم حقوق المعتقلين وتبقيهم في دائرة سوداء من العنصرية، فتم على سبيل المثال طرح مشروع لقانون إعدام الأسرى مع بداية العام الماضي وتم الدفع به بشكل جدي في أروقة الكنيست الصهيوني في نوفمبر الماضي؛ والذي يأتي تماشيا مع رغبات يمينية متطرفة في القضاء عليهم وإنهاء ملفهم بجريمة منظمة.
ويشير إلى أن مشروع قانون إبعاد عائلات منفذي العمليات الفدائية هو شكل آخر للعنصرية التي تفرضها عقلية الاحتلال الاستعمارية حيث طُرح قبل أعوام ولكنه عاد للنقاش بقوة في ديسمبر الماضي، كما طُرح في أكتوبر الماضي مشروع قانون يقضي بعدم تغطية علاج الأسرى المصابين والمرضى ضمن سلسلة إجراءات عنصرية تهدف إلى تحويل حياة الأسرى إلى معادلة مساومة بغض النظر عن معاناتهم.
الاعتداءات والعقوبات
هذه الفترة شهدت كذلك تصعيدا صهيونيا من ناحية الاعتداء على الأسرى داخل السجون وتعمّد ضربهم وعقابهم، حيث سجلت ما لا يقل عن ٤٠ عملية اقتحام للأقسام وتفتيشها والاعتداء على من فيها من المعتقلين.
ويرى مراقبون بأن كل تلك الممارسات داخل السجن كانت تهدف إلى سحب إنجازات الحركة الأسيرة وإعادة أوضاعها إلى نقطة الصفر لتخفيض سقف المطالب لدى الأسرى.
ومن أبرز الاعتداءات التي تمت على الأسرى كان الهجوم الوحشي على أسرى قسم ٤ في سحن النقب الصحراوي في فبراير الماضي والذي أدى إلى إصابة أكثر من ١٢٠ أسيرا بجروح مختلفة، حيث ما زالوا معاقبين إلى الآن ومحرومين من أبسط الأدوات والملابس والأغطية، كما فرضت عليهم عقوبات قاسية مثل حرمانهم من زيارة الأهل ومنعهم من الكانتينا وحرمانهم من المطبخ إضافة إلى غرامات مالية باهظة.
وفي السياق ذاته تم الاعتداء على أسرى أقسام ١١ و١٢ و١٥ في سجن عوفر غرب رام الله في العشرين من يناير الماضي، حيث أصيب وقتها ما لا يقل عن ٦٥ أسيرا بجروح فضحت وحشيتها صور لأحد الأسرى بعد أيام من القمع والذين فُرضت عليهم كذلك عقوبات جائرة تزيد آلامهم، فيما تتواصل عمليات الاقتحام والتفتيش لأقسام الأسرى بشكل شبه يومي دون اكتراث من المؤسسات الدولية الحقوقية التي تتغنى بحقوق الإنسان أينما وجد.
هدم منازل الأسرى
وفي ظل كل ذلك تواصل العقلية الصهيونية محاولة النيل من أسرانا بكل طريقة؛ حيث تواصلت عمليات هدم منازل بعضهم ضمن سياسة تعبر عن حقد دفين ومحاولة لاستغلال كل شيء من أجل ترحيل الفلسطيني من أرضه وهو الأمر الذي لن يكون.
وخلال هذا العام تم هدم منزل الأسير عاصم البرغوثي في بلدة كوبر شمال رام الله ومنزل الأسير إسلام أبو حميد في مخيم الأمعري جنوباً ومنزل الأسير خليل جبارين في يطا جنوب الخليل ومنزل الأسير أحمد جمال القنبع في جنين، كل ذلك هدفه التأثير على معنويات الأسرى وكسر إرادتهم التي هي الهدف الأساسي من كل تلك الممارسات.
وفي هذا السياق تؤكد والدة الأسير عاصم البرغوثي لـ مكتب إعلام الأسرى بأن هدم المنازل لا يؤثر أبدا في معنوياتهم بل يزيدهم إصرارا على حقوقهم وتعلقهم بها وبضرورة تحقيقها.
وتضيف:" خلال المحكمة الأولى لعاصم والتي حضرتها زوجته قال لها بالحرف الواحد لا تحزني على المنزل سأبني لكِ قصراً بدلا منه، وهذا يدل على روحه العالية التي هزمت سياساتهم ومحاولاتهم المتكررة".
اقتحام منازل الأسرى
أما اقتحام منازل الأسرى فغصة جديدة يحاول الاحتلال زرعها في نفوسهم، حيث تقوم خفافيش الليل باقتحام منازل بعض الأسرى وترويع عائلاتهم والقيام بعمليات تفتيش وتخريب.
ويقول شقيق الأسير إسلام الوشاحي من مدينة جنين لـ مكتب إعلام الأسرى والذي يتهمه الاحتلال بتنفيذ عملية طعن داخل الأسر في فبراير الماضي؛ إن قوات الاحتلال داهمت منزلهم وقامت بإخراج العائلة منه والقيام بعمليات تفتيش كان الهدف منها التخريب والترويع فقط، فالأسير موجود في السجن ولا علاقة لمنزله بالعملية التي نفذها، كما قاموا بتمزيق صوره ومحاولة تخويف العائلة والتهديد بأنه لن يخرج من الأسر، في خطوة لا فائدة لها لدى شعب يعرف طريق كرامته.
أما في حالات أخرى فيقوم الجنود باقتحام منازل أسرى لمصادرة مبالغ مالية هي عبارة عن مصرىف للعائلة، أو مصادرة مركباتٍ تعود لهم في محاولة للتنغيص عليهم في سجنهم، كما يتم اقتحام بعض منازل الأسرى التي تم هدمها للتأكد من عدم إضافة بناء جديد كما حدث مع عائلة الأسير راغب عليوي.
الإهمال الطبي
شهداء جدد التحقوا بركب شهداء فلسطين ولكن خلال تواجدهم في الأسر جراء سياسة الإهمال الطبي التي يتعرضون لها بوحشية ومنهجية تهدف إلى قتل أرواحهم وأجسادهم.
وفي هذا لا بد لنا من ذكر الأسير فارس بارود من قطاع غزة الذي ارتقى إلى العلا في فبراير الماضي بعد ٢٨ عاما من الأسر عانى فيها الأمرّين، حيث فاضت روحه تشكو إلى خالقها ظلم احتلال سلبه حريته ومن ثم حقه في الحياة.
كما كان سبقه في هذا الدرب الشهيد الأسير عزيز عويسات من القدس المحتلة في مايو الماضي والذي كان تعرض للعزل ولضرب مبرح أفقده الوعي وأدى إلى استشهاده لاحقا، وما زال جثمانا الشهيدين محتجزين لدى قوات الاحتلال لتمعن في الظلم أكثر بحق عائلتيهما.
وتحت هذا العنوان تعيش مئات العائلات مخاوف جمّة على حياة أبنائها، حيث تعبّر والدة الأسير سامي أبو دياك من جنين لـ مكتب إعلام الأسرى عن قلقها الشديد على صحته والتي تتدهور منذ عدة أشهر وتتطور لتصبح من أخطر الحالات الصحية في السجون في ظل معاناته مع مرض السرطان وأمراض أخرى دون أي اكتراث لحالته الصحية من قبل إدارة السجن.
وتتردد أسماء بارزة في هذا السياق مثل الأسيرة إسراء جعابيص من القدس والأسير معتصم رداد من طولكرم والأسير منصور موقدة من سلفيت وغيرهم الكثير.
ولا تتوقف محاكم الاحتلال عن إصدار الأحكام الجائرة على الأسرى؛ حيث كان خلال هذا العام الحكم الصادر بحق الأسير الطفل أيهم صباح من طولكرم بالسجن لمدة ٣٥ عاما هو الأبرز وسط أحكام على أسرى آخرين لا تقل قسوتها لدى عائلاتهم، فيما تواصل فرض الأحكام الإدارية على مئات المعتقلين دون تهمة ولا محاكمة، فيما يزداد عدد الأسرى الأطفال ليتخطى حاجز ال٣٥٠ خلال أشهر قليلة؛ بينما تعيش ٤٨ أسيرة فلسطينية ظلم الاحتلال وأذرعه الأمنية دون أدنى حد من الرحمة.