منذ عدة سنوات وهذا المصطلح يتردد على مسامع الفلسطينيين، فأجهزة التشويش التي تضعها إدارة سجون الاحتلال بين الأقسام المختلفة باتت واحدة من المخاطر التي تهدد حياة الأسرى وتزيد معاناتهم.
وتعتبر أجهزة التشويش التي تضعها إدارة السجون في أقسام الأسرى ذات فعالية عالية وتأثير مكثف يؤدي إلى أضرار صحية جسيمة على الأسرى، فالعديد من الأعراض يشعرون بها بشكل مفاجئ بعد فترة بسيطة من تركيب تلك الأجهزة التي تحمل إشعاعات قوية.
الكثير من المسكنات
ويقول الأسير المحرر محمد سليمان لـ مكتب إعلام الأسرى إنه وخلال فترة اعتقاله في سجن "إيشل" جنوب فلسطين قام الاحتلال بوضع جهاز تشويش يؤثر مداه على أكثر من أربع غرف ويكون موجها إليها، مبينا بأن الجهاز يعمد الاحتلال أن يكون موجها صوب الأسرى فقط وليس صوب السجانين وغرف الإدارة حتى لا تؤثر عليهم.
ويوضح المحرر بأن أجهزة التشويش تلك تعمل على إسقاط إشارة البث نهائيا ضمن موجات عالية وتؤدي إلى انقطاع بث التلفاز والمذياع وحتى وقف بث "مرئية الأقصى" والتي تعمل عبر نظام الهوائي لقربها من السجون الجنوبية، وبالتالي يبقى الأسرى دون علم للأخبار التي تجري حولهم.
ويؤكد سليمان بأن تلك الموجات العالية تؤدي إلى صداع شديد لدى جميع الأسرى في الغرفة الواحدة، حيث أن بعض الأسرى يضطرون للذهاب إلى العيادة للفحص والبعض الآخر يكثرون من تناول المسكنات لتخفيف آلام الصداع، والبعض يرهقه التعب ويبقى على سريره طيلة الوقت.
ويضيف:" جهاز التشويش هو عبارة عن جهاز صغير يشبه غالبا الرادار ويأتي في أشكال أخرى، وهو يكون مثبتاً خارج الغرفة بحيث لا يستطيع الأسرى الوصول إليه، بينما كان السجانون يقتحمون الغرف بين فترة وأخرى لفحص البث حتى يتأكدوا من أنه فعال".
ويشير المحرر إلى أن ممثلي المعتقل كانوا دائما يطالبون بإزالة هذه الأجهزة بسبب تأثيرها على الأسرى ولكن إدارة السجون كانت تتعنت كثيرا في ذلك وبعد أسابيع تقوم بإزالتها ثم تمضي فترة لتعيد تركيبها من جديد.
خطير طبيا
ومن الناحية الطبية فيتفق المختصون بأن أجهزة التشويش لها أثر كبير على أجسام الأسرى التي تتعرض لأمراض مختلفة نتيجة هذه الموجات العالية.
ويقول الدكتور سمير القاضي المحرر من سجون الاحتلال لـ مكتب إعلام الأسرى بأنه عايش أجهزة التشويش حين كان معتقلا في سجن النقب عام 2015، حيث تم تركيبها لثلاثة أيام وكانت مزعجة إلى حد كبير.
ويتابع:" الأجهزة تلك تم تركيبها وكانت تصدر صوتا عاليا كالزنانات وهذا الصوت مثير للأعصاب وبالفعل كان يسبب الصداع للأسرى والإزعاج المتكرر بحيث تحولت حياتنا خلال هذه الأيام الثلاثة إلى إزعاج كامل وعدم قدرة على القيام بالنشاطات اليومية رغم قلتها في المعتقل".
ويشير القاضي إلى أن تلك الأجهزة تسببت كذلك بحرمان بعض الأسرى من النوم بسبب صوتها المزعج والدائم.
بدوره يؤكد النائب في المجلس التشريعي فتحي القرعاوي بأن الأمراض التي يتسبب بها السجن للأسرى لا يمكن حصرها ولا يمكن تبرئة أجهزة التشويش من ذلك، حيث أن الأسرى يبلغ عددهم أكثر من ستة آلاف أسير وهو تعداد سكاني مماثل لأي قرية في الضفة، ولكن بين هذا التعداد هناك 16 أسيرا يعانون من مرض السرطان الذي أصيبوا به داخل الأسر، فهل يعقل أن يكون في قرية واحدة 16 مواطنا يعانون من السرطان إلا إذا كان هناك سبب مباشر لذلك؟!
تاريخ وتساؤلات
وتعتبر أجهزة التشويش حاليا من أبرز ما يؤرق الأسرى بسبب تأثيرها العالي وتزايد نسبة إصابة الأسرى بالأمراض المختلفة غير معروفة السبب، كما أن الصداع الذي لا يعرف مسببه بات يداهم رؤوس الأسرى ويسبب لهم الأرق.
ويعود وضع أجهزة التشويش في السجون تقريبا إلى عام 2000 حين بدأت مصلحة السجون الصهيونية تزعم بأن الأسرى تمكنوا من تهريب أجهزة هواتف خلوية، فبدأت بتركيب أجهزة التشويش متجاهلة ضررها على المعتقلين في غرف صغيرة لا حول لهم ولا قوة.
وتبقى التساؤلات حول مصير الأسرى في ظل تعنت قوات الاحتلال؛ فبينما تزيل أجهزة التشويش من هذا السجن تعيد وضعها في سجن آخر، ويخشى الأسرى الذين يعانون من تاريخ طبي عائلي بمرض السرطان أن يصيبهم هذا المرض الذي استشهد بسببه العديد من الأسرى وآخرون ما يزالون يقاسون آلامه.