رفع قرار حكومة اليمين المتطرفة، القاضي باقتطاع ما يقارب النصف مليار شيقل من الرواتب التي تدفع من أموال الشعب الفلسطيني لعائلات الأسرى دعماً لهم ولتوفير لقمة عيشهم، منسوب التحدي والصمود لدى الفلسطينيين لمواجهة هذه القرصنة العنصرية بحق أبناء شعبهم، فعائلات الأسرى تعتبر هذا القرار إرهاباً تمارسه المؤسسة الأمنية الصهيونية ضدهم.
مكتب إعلام الأسرى ينقل آراء عائلات الأسرى حول هذا القرار، وردود فعلهم في طريق المواجهة، يقول وائل داود، شقيق أقدم أسير في قلقيلية، الأسير محمد داود(58عاماً) والذي دخل عامه ال32 داخل الأسر" ما يقوم به الاحتلال أمرٌ استعراضي؛ كي تظهر الحكومة أنها من الحكومات المتشددة بخصوص الحركة الأسيرة، لكن الشعب الفلسطيني يدعم أسراه وشهدائه وجرحاه ومحرريه قبل وجود السلطة، وليس بالجديد عليه أن يستمر في ذلك".
يضيف داود" ما تريده حكومة الاحتلال ولغايات انتخابية وعنصرية واستعلائية، هو أن ترسل رسالة للشعب الفلسطيني مفادها أن الأسرى والشهداء في عين العاصفة، وأن من يكون أسيراً سيحارب بكل الوسائل، وشقيقي مثالٌ على ذلك، فقد هرم في أسره، وهدم الاحتلال منزلنا وتوفي والدي ووالدتي وهو في الأسر، وهذه التضحيات لا تقدر بثمن، قيمة الراتب تساعد عائلة الأسير، إلا أن التضحيات تفوق الراتب الشهري بآلاف السنوات الضوئية، ومن يدفع فاتورة وضريبة العمر لا ينظر إلى راتب.
يشير شقيق الأسير داود إلى أن ظاهرة الأسر نبيلة وحق مكتسب للأسير وعائلته، والشعب الفلسطيني لا ينظر إلى قضية الأسرى على أنها راتب، ورسالتنا كعائلات أسرى إلى الاحتلال هي أن الشعب الفلسطيني مستعد لبذل الغالي والثمين من أجل حرية أسراه، فقطاع غزة دفع ثمن عدة حروب ارتقى فيها آلاف الشهداء والجرحى وهدمت فيها المنازل من أجل أسر جندي ثم تحرير أكثر من ألف أسير منهم أسرى محكومين بالسجن المؤبد".
تخبط الاحتلال
المحررة منى أبو بكر السايح، زوجة الأسير المريض بسام السايح من نابلس، قالت لمكتب إعلام الأسرى حول قضية قطع الرواتب" يبدو أن الاحتلال يتخبط في إجراءاته، فكل محاولته لردع الشعب الفلسطيني باءت بالفشل، فهو يمارس إصدار الأحكام الردعية التي تصل لآلاف السنوات من الأحكام المؤبدة، وهدم المنازل، واعتقال أفراد عائلة الأسير والشهيد كما حدث مع عائلة نعالوة والبرغوثي وبشكار وغيرها من العائلات التي دفعت فاتورة باهظة، وقضية الراتب إذا ما قورنت بهذه التضحيات تكون النتيجة صفرية".
تعلل المحررة السايح ذلك بالقول" الشعب الفلسطيني تعود على نصرة الأسرى، بدون أن يكون هناك راتب وامتيازات للأسرى، وقضية الراتب انتظمت بعد قيام السلطة الفلسطينية وظاهرة الأسر منذ عام 1967م، لذا فمحاولة الاحتلال النيل من عزيمة الحركة الأسيرة وعائلات الأسرى من خلال قضية اقتطاع الأموال ستزيد من منسوب الصمود والتحدي والقوة لديهم، فأسرهم كان لقضية مقدسة وليس من أجل الراتب الذي هو حق وليس منة من الاحتلال".
جريمة مزدوجة
تتحدث المحررة إيمان نافع، والتي أمضت في الأسر تسع سنوات، وهي زوجة الأسير نائل البرغوثي الذي دخل عامه ال39 في الأسر كأقدم أسير في العالم حول قضية رواتب الأسرى، تقول" ما تمارسه دولة الاحتلال جريمة مزدوجة بحق الأسير وعائلته، وهذا التوجه لدى الاحتلال نابع من صمود الأسرى وعائلاتهم في وجه إجراءاته التي لا تتوقف من ملاحقة أمنية لهم، فأنا كأسيرة محررة وزوجة أسير وموجودة في عائلة اعتقل معظم أبنائها، أستطيع القول أن الاحتلال فتح على نفسه باباً لن يستطيع إغلاقه".
ترى المحررة نافع أن التضحيات التي يقدمها الأسرى لا تقارن براتب، والشعب الفلسطيني الحر لا يمكن أن ينسى أسراه البواسل، فهو يعتبر أن الأسر أنبل ظاهرة، وهو موحد خلف قضاياهم ذات الرمزية العالية، فالحركة الأسيرة تجذَّرت في كل بيت فلسطيني ولم تعد ظاهرة عابرة، ففي الأسر هناك الأب والابن والأم والأخت والأحفاد، كلهم يجتمعون في الأسر كما هو الحال مع مئات العائلات، ولن ينفع الاحتلال محاربة الفلسطينيين بلقمة عيشهم، فسوف ينقلب السحر على الساحر، وستأكل عصا موسى كل حبال الاحتلال الزائفة.