في مقابر الاعتقال الصهيونية تصارع عشرات الأرواح موتا محتما ما بين قهر السجن وألم المرض، فالاحتلال يسعى لكسر عزائمهم عبر إذلالهم في مرضهم ومنع العلاج عنهم.
ويعتبر ملف الأسرى المرضى من أكثر الملفات إلحاحا للنشر وتعريف العالم به، فجرائم قتل متعمدة ترتكب في مقبرة سجن الرملة بحق أسرى مرضى بالسرطان وآخرين بالشلل وغيرهم بأمراض مزمنة لم تلاقِ من يداويها.
صرخة أم
وبينما تجلس وحيدة تقاسي بُعد أبنائها تواصل والدة الأسير سامي أبو دياك من بلدة سيلة الظهر قرب مدينة جنين دعاءها له بالشفاء والحرية، فقلبها أثخنه الوجع طيلة سنوات اعتقاله ومن ثم مرضه.
وتقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال اعتقلت نجلها في السابع عشر من يوليو عام ٢٠٠٢ وحكم عليه بالسجن المؤبد لثلاث مرات و٣٠ عاما، مبينة أنه قبل عدة سنوات بدأ يشعر بألم شديد في معدته؛ وبعد أن فقد وعيه من شدة الألم نقله الاحتلال إلى سجن الرملة.
ومنذ ثلاثة أعوام بدأت معاناته الحقيقية؛ حيث عانى من ألم لا يطاق فقد وعيه خلاله فنقل إلى إحدى المستشفيات وخضع لعملية استئصال ورم في المعدة والأمعاء ظانا أن معاناته انتهت ولكنها بالكاد بدأت!
وتوضح والدته بأن العملية حملت معها خطأ طبياً؛ حيث كان ينزف في مكان الجراحة ما أدى لتسمم دمه ودخل في غيبوبة جديدة وخضع لست عمليات متتالية، وحين أشرف على التعافي بعدها تم نقله عبر "البوسطة" إلى سجن الرملة ففقد وعيه وتسمم الدم وتعفن الجرح بسبب ظروف النقل القاسية.
وتضيف:" ست مرات قمنا بزيارته خلال المرض وكنا نشعر بوجعه، فلا يستطيع النهوض عن كرسيه إلا بمساعدة الأسرى والمرض ظاهر على كل جسده، ثم أعادوه إلى سجن ريمون لمدة عام وتراجعت حالته الصحية فأعادوه لسجن الرملة".
ولا يتمكن الأسير أبو دياك من خدمة نفسه أو القيام بأي شيء وحده إلا بمساعدة الأسرى وشقيقه الأسير سامر أبو دياك الذي اعتقل في الثالث عشر من يناير عام ٢٠٠٥ وحكم بالسجن المؤبد و٢٥ عاما.
وتصف الوالدة الصابرة حال نجلها بأنه في كل مرة أسوأ من التي تسبقها حيث وصل وزنه إلى ٤٠ كغم بعدما كان ٩٣ كغم، لافتة إلى أنه حين اعتقل كان مصابا بشظايا في الرأس وكان عمره ١٧ عاما فقط، كما تعرضت العائلة لمنع زيارات عنه لعدة أعوام متفاوتة.
أما رسالتها فنداء إلى كل من يملك القدرة على الضغط على الاحتلال بالإفراج عنه أولهم المقاومة في صفقات مشرفة.
معاناة لا تنتهي
بدوره يقول الأسير المحرر محمد القيق والذي عاش مع الأسير أبو دياك في مقبرة سجن الرملة لـ مكتب إعلام الأسرى إن الأسير كان يعاني بشدة من أوجاعه ويتعرض لسياسة إهمال طبي ممنهجة كما بقية الأسرى المرضى.
ويشير القيق إلى أن الأسير أبو دياك كان يتعرض لحالات إغماء كثيرة ويسقط على الأرض مرارا ويعاني من حالة غثيان مستمرة كما أن كيس البراز يلازمه دائما لأنه لا يستطيع النهوض إلى دورة المياه.
وينقل القيق عن الأسير أبو دياك وجعه الدائم حيث كان بكامل عافيته ونهشه المرض والإهمال الطبي ومنع الاحتلال الإفراج عنه.
ويضيف:" هناك حالات قاسية من المرض في مقبرة سجن الرملة لا يسمع العالم عنها ويتم استخدام سياسة الإهمال الطبي بحقهم كمحاولة إذلال لهم، حيث يعاني جميعهم من أمراض مزمنة ويعيشون مأساةً لا يمكن وصفها تستدعي التحرك الفوري لإنقاذهم".