الإقامة الجبرية مصطلح يصطدم بحياة الفلسطينيين في القدس المحتلة، فهو عقاب تفرضه محاكم الاحتلال كي تردع المقدسيين وترهبهم وتكسر إرادتهم.
ونقلا عمن جرب هذا النوع من العقاب الجماعي فإنه يتمحور حول هزم الشخصية الفلسطينية من خلال الإقامة الجبرية لأشهر طويلة، وبالتالي يعكف المقدسي على الابتعاد عما يمكن أن يسبب له الحبس المنزلي من جديد.
تهمة مفتوحة
وفي قاموس هذا العقاب الشرس يبرز اسم التاجر المقدسي الأسير سيف الدين النتشة صاحب أطول مدة في الحبس المنزلي.
وتقول زوجته أم وليد لـ "مكتب إعلام الأسرى" إن الاحتلال كان اعتقل زوجها قبل ما يقارب ثلاثة أعوام لمدة شهرين وأدخله في تحقيق قاسٍ للغاية تخلله الاعتداء عليه وحرمانه من النوم، حيث اتهمه بأنه قام بنقل أموال من تركيا إلى فلسطين لمقاومة الاحتلال.
وبعد انتهاء التحقيق القاسي عمد الاحتلال إلى تحويل النتشة إلى الحبس المنزلي حتى انتهاء الإجراءات القانونية، والأمر من كل ذلك أن فترة الحبس المنزلي امتدت لعامين ونصف وهي الفترة الأطول حتى الآن في تاريخ هذا النوع من العقوبات.
وتوضح أم وليد بأن الاحتلال وجه تهما مفتوحة لزوجها تتضمن كذلك الاتصال مع المحرر المبعد إلى تركيا زكريا نجيب من أجل نقل الأموال، علما أن النتشة يملك محلا تجاريا في تركيا وآخر في القدس ويسافر بشكل دوري مع عائلته وعاش فترة هناك.
وقبل ما يقارب الأسبوع اضطر النتشة لتسليم نفسه للاحتلال كي يقضي محكوميته التي صدرت عن محكمة الاحتلال والبالغة ١٣ شهرا.
وتضيف زوجته:" نحن لا نعتبر أنها ١٣ شهرا فقط بل نضيف إليها ثلاثة أعوام من المعاناة، فالحبس المنزلي لا يختلف عن السجن بل هو أكثر قسوة على نفسية المعتقل، حيث كانت هذه الفترة عصيبة جدا علينا".
قلق دائم
الأسير النتشة (٤١ عاما) قام بوداع أطفاله الستة الذين يبلغ عمر أكبرهم تسعة أعوام فقط وذهب للسجن كي يواجه حكمه، ولكن عائلته لم تنس آثار الحبس المنزلي التي ما زالت قائمة.
وتبين أم وليد بأن شروط الحبس المنزلي كانت معقدة للغاية ويسمى الحبس المنزلي المغلق أي أنه يمنع عليه الخروج خطوة واحدة خارج البيت ويمنع من استقبال الزوار أو استخدام جهاز الهاتف والانترنت وهو الأمر الذي أثر كثيرا على نفسيته.
وتعتبر هذه العقوبة ليست موجهة فقط للأسير بل إلى عائلته التي تضطر للخضوع للشروط ذاتها، فمنهم من يفرض عليه الاحتلال البقاء مع الأسير طيلة فترة الحبس ما يحوله إلى سجين آخر، وفي حالة الأسير النتشة فإن العائلة كلها كانت قيد الحبس المنزلي لأن الوالد سجين لا يستطيعون تركه.
وتتابع الزوجة القول :" تغيرت شخصية زوجي كثيرا خلال الحبس المنزلي وأصيب بالعديد من الأمراض وكانت نفسيته محبطة بسبب هذا الحبس بل كان يتمنى أن يتحول للسجن الفعلي بدلا من الحبس المنزلي".
والأقسى في هذا الأمر هو أن فترة الحبس المنزلي لا تحسب من مدة الحكم، ففي حالة الأسير النتشة كان من الممكن أن ينهي محكوميته ويخرج من الأسر بعد عام من توجيه التهمة له، إلا أن الحيس البيتي أبقاه رهينة الاعتقال طوال هذه المدة.
وتوضح أم وليد بأن الاحتلال فرض على زوجها غرامة مالية بقيمة ٤٠ ألف شيكل اضطر لدفعها، وأصدروا بحقه قرارا بمنع السفر ما أثر على تجارته ومحلاته.
وتتابع:" تسبب لنا الحبس المنزلي كذلك بأزمة مادية فلم يعد زوجي يعمل وأصبح مصروف العائلة على أهله، كما أن الأطفال ضاقت بهم الحال كثيرا وأصبحوا يتمنون الخروج إلى أي مكان مع والدهم".