تختار كثيرٌ من عائلات أسرى المؤبدات الصمت الذي يحمل ضجيجاً حول أسبابه، كسؤال أخ أسير مؤبد من الأسرى القدامى عن موعدٍ لإجراء مقابلة صحفية معه حول شقيقه، وقوله بأن الحديث لن يحدث فرقاً وبأن السنوات التي مرت على ما يبدو لا تملأ سطوراً في عواطف الناس لدفع حركة التضامن مع قضايا الأسرى أكثر من ذلك.
في مقتبل عمره وأحلامه وطموحاته كان، ساقت له الحياة أن يعمل كسائق شاحنة، شابٌ عادي، محبٌ لبلاده، فكر، سيعمل قليلاً ليعتاش ويوفر كل ما يستطيع ليؤسس لنفسه بيتاً وسكناً ليبدأ مشروع الزواج والاستقرار.
هو الأسير إسلام إبراهيم عيسى، من سكان قرية كفر قاسم في الداخل المحتل، المعيل الوحيد لعائلته، والجدار القوي الذي كانوا يستندون عليه وتهدم منذ تسع سنوات، ففي لحظةٍ عابرة من حب وطنه أصبح الشاب إسلام عيسى أحد القاطنين في مدافن الأحياء، بحكمٍ لم تستطع عائلته احتماله، ولم تتقبله حتى هذا اليوم.
اعتقل الأسير عيسى في العام 2010 بعد تنفيذه عملية دهس في تل أبيب أدت لمقتل مستوطن وإصابة آخرين، وبعد سنوات صدر بحقه حكمٌ يقضي بالسجن المؤبد، إضافة إلى 40 عاماً أخرى.
إحدى أصدقائه روى لمكتب إعلام الأسرى كيف اختلفت حياة عائلته بعد هذا الحكم الجائر، فوالده وبعد أسبوعٍ من إصدار حكم ابنه المؤبد توفي جراء الصدمة، ولم يكن كافياً أن تكون وفاته مؤلمة لابنه الأسير إسلام عيسى بل أيضاً كان بعيداً فلم يودعه إلى مثواه الأخير.
كان الأسير إبراهيم عيسى جدار أبيه، فوالده كان من ذوي الاحتياجات الخاصة ولا يقو على العمل، وكان هو المعيل الوحيد للعائلة، لأبٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولأخٍ وحيد وعدة أخواتٍ وأمٍ لا زالت ترقب عودته.
اليوم حتى صحة والدة الأسير إسلام عيسى في تدهور، الحكم الجائر قلب حياتهم، يقول صديقه" كل ما أريد أن يعرف العالم أن هناك في مدافن الأحياء أسيرٌ مؤبد اسمه إسلام عيسى، إنسانٌ كمثلنا ينتظر الحرية".