رغم أن سجون الاحتلال باتت تسمى بالمقابر الجماعية لما تحمله من موت بطيء -أو سريع أحيانا لأكثر من ستة آلاف أسير؛ إلا أن قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين أصبح يشكل خطرا حقيقيا على حياتهم.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه الكثيرون أن مثل هذا القانون لا يضيف جديدا على حياة الأسرى الملأى بسبل التعذيب والقتل كالإهمال الطبي والحرمان من الحقوق الأساسية؛ إلا أنه ما زال يعتبر أقوى ما تفتقت عنه العقلية الصهيونية في سبيل هدر الحق الفلسطيني وتصفيته.
تاريخ وخطوات
من الصعب تحديد تاريخ معين لتقديم مثل هذا المقترح؛ ولكن المراقبون يُجمعون على أن الاحتلال منذ سيطرته على القدس والضفة وقطاع غزة بدأ التفكير جديا بالتخلص من الأسرى الفلسطينيين الذين نفذوا عمليات نوعية أدت إلى مقتل جنود ومستوطنين، ومؤخرا أعطى رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لإقرار عقوبة الإعدام في قانون إعدام منفذي العمليات الذي قدمه حزب "إسرائيل بيتنا" بقيادة المتطرف أفيغدور ليبرمان، حيث تم الاتفاق على هذا خلال اجتماع لزعماء الأحزاب.
ويقول المحامي خالد زبارقة لـ مكتب إعلام الأسرى إن أي قانون يجب أن يتم تحويله إلى لجنة داخلية لإقراره؛ وبالنسبة لقانون إعدام الأسرى الفلسطينيين فهو موجود حاليا في التداول لدى هذه اللجنة؛ وبعد أن يتم إقراره في اللجنة الحكومية يتم تحويله للجنة التشريع في الكنيست قبل أن يتم إقراره بالقراءات الثلاثة.
ويرى زبارقة بأن هذا القانون سياسي بامتياز؛ فالقانون يجيز للاحتلال إصدار قرارات إعدام وحتى الآن لم يستعمل هذا البند، مبينا بأن الاحتلال منقسم إلى فريقين في هذا الإطار فريق يرى بأن الوضع القانوني يجيز مثل هذه القرارات وفريق يقول إنه يجب أن يكون هناك قانون واضح من أجل إقراره، أي أن هناك خلاف ملموس على ذلك.
ويضيف:" بالنسبة للاحتلال فهو يهتم كثيرا بسمعته على مستوى العالم؛ وهناك أيضا خلاف من طرف المناكفات السياسية بين أعضاء الكنيست والأحزاب السياسية الإسرائيلية حول الأكثر تطرفا في التعامل مع الفلسطينيين".
ويشير المحامي إلى أن الأمور ما زالت غير واضحة بشكل نهائي في قضية إقراره ولكن الأجواء التي خلقها النقاش في هذا الملف خطيرة جدا وبدأت تحاول أطراف صهيونية تطبيع مفهوم إعدام الأسرى أو الترويج له على مستوى الرأي العام، معتبرا أن الحديث في الأمر بحد ذاته خطير خاصة أن الاحتلال بدأ يصنف الأسرى بتصنيف الإرهاب وهذا حسب مفهومهم يعطي الشرعية لمثل هذه القرارات في المستقبل.
التطبيع
بدوره يقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب لـ مكتب إعلام الأسرى:" ننظر بعين الخطورة لمثل هذا الاقتراح بإقرار قانون لإعدام الأسرى الفلسطينيين وهو ليس جديدا وإنما قديم ويتجدد في كل فترة".
ويشير أبو عصب إلى أنه منذ عام 1968 أي منذ احتلال بقية الأرض الفلسطينية والجزء الشرقي من القدس المحتلة؛ بدأ أعضاء في الكنيست الصهيوني بالتقدم بمثل هذه الاقتراحات؛ ولكن الآن تم تقديمه من رأس الهرم السياسي الصهيوني وهده سابقة خطيرة.
ويعتبر أبو عصب بأن هذا الاقتراح يبرز مدى الحقد الذي يكنه الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني لأن القانون سيضع مجموعة كبيرة من أبنائنا على أعواد المشانق ويتعارض مع الحق الفلسطيني الذي كفلته القوانين الدولية في مقاومة الاحتلال.
ويضيف:" اقتراح مثل هذا القانون يأتي في ظل تسارع التطبيع العربي الصهيوني ورسالة من نتنياهو أنه يحصل على غطاء عربي لتنفيذ مخططاته بحق الفلسطينيين، وأن يتم تقديم القانون من نتنياهو نفسه في ظل الوضع المتأزم وترهل العرب وهرولتهم للتطبيع كما حدث في عُمان واستقبال وفود صهيونية في عواصم عربية بشكل فاضح يبرز نوايا الاحتلال بشكل كبير في تصفية القضية الفلسطينية وعلى رأسها قضية الأسرى".
إذا تتسارع العقلية الصهيونية في اختراع قوانين تحول حياة الفلسطينيين إلى مأساة أكبر؛ وفي ظل الحديث المستمر عن إمكانية تطبيق قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين لا تُسمع أصوات المستوى الرسمي في أي خطوة عملية يمكن أن تزيح ثقل مثل هذه القرارات عن عائلات بأكملها تنتظر فجر حرية قريب لأبناء غيبتهم السجون منذ عقود.