تصر القدس على أن يبقى رجالها في الميدان وفعالهم وبصماتهم تمتد للأجيال وما يزيدها صلابة وصمودا هو أن ذاكرة القادة فيها لا تموت حتى وإن غيبهم السجن أو القبور؛ ومن بين أولئك ذاك الذي عمل بعمق وبناء وساهم وأنجز وأسس بكل عطاء؛ إنه القائد الشيخ يعقوب أبو عصب صاحب الكتاب والفكرة.
محاولات للتنغيص
يعتبر القائد يعقوب محمود أبو عصب (46 عاما) من أبرز قادة حركة حماس في الضفة الغربية والقدس حيث أمضى في الاعتقال الأخير سبعة أعوام.
ويقول شقيقه رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب لـ" مكتب إعلام الأسرى":" إن الاحتلال فور تحرر شقيقه "أبو محمود" من سجن النقب جنوب فلسطين المحتلة يوم الخميس الماضي قام باعتقاله مجددا للضغط عليه ووقف فرحة الأهل بحريته، ثم نقله إلى مركز المسكوبية للتحقيق معه وبعدها قررت الإفراج عنه بشرط الإبعاد عن مدينة القدس لمدة أسبوع وكفالة قيمتها ألف شيكل".
ويوضح أبو عصب بأن شرطة الاحتلال وبعد اعتقال شقيقه قامت باستدعائه وشقيقه الآخر محيي الدين، مبينا بأنه تم وضعهم في أروقة مركز المسكوبية لأكثر من ثلاث ساعات واحتجاز هويتيهما بينما يتم التحقيق مع الأسير يعقوب.
ويبين بأن الاحتلال يتهم شقيقه بمحاولة تنظيم مسيرة و"الإخلال بالأمن" بمناسبة تحرره، لافتا إلى أن كل هذه التهم باطلة لأن العائلة أخذت بعين الاعتبار نظرة الاحتلال لشقيقه يعقوب وبالتالي قررت أن يكون استقباله هادئاً.
ويضيف: " أمضى أبو محمود في السجون قرابة 14 عاما تنقل خلالها بين عدد من المعتقلات ومراكز التحقيق؛ كما أنه أبعد عن المسجد الأقصى عدة مرات وأصدر الاحتلال بحقه قرارات منع من دخول الضفة الغربية والسفر، وبسبب اعتقاله فوّت الاحتلال عليه العديد من المناسبات كأن تزين منزله بفرحة نجاح لابنته في الثانوية العامة العام الماضي وهو قيد الاعتقال؛ ولديه من الأبناء أربعة".
معاملة مجاهد
ويعتبر عدد من الأسرى المحررين أبا محمود من خيرة القادة الذين لم يبدلوا تبديلا بعلم وأخلاق وثبات ومبدأ ومقاومة؛ فتراه دوما صاحب الكتاب والقلم والموعظة والمتابع لكل هموم الأسرى، وراسما للاستراتيجية ومعلما للحياة.
ويقول الصحفي المحرر محمد القيق لـ"مكتب إعلام الأسرى" : " كان شرفا لنا أن تعرفنا على أبو محمود في سجن "ايشل" فكان ذاك الجبل الصامد الذي يحتوي كل الأسرى ويعمل على حل إشكالياتهم ويساهم في تعزيز الأخوة والمحبة بين الأسرى؛ كما أنه قائد حكيم يقرأ كثيرا ويعطي المحاضرات ويتعامل بجد واهتمام مع احتياجات الأسرى الثقافية والإدارية والسياسية، فتراه المحنك المفوه الذي يجذب انتباه الأسرى في المحاضرات ويطرح رأيه ويستمع لكل الآراء، إنه بحق قدوة يحتذى بها ويعتبر مخزن معنويات من الزمن القديم".
ويشير القيق إلى أن ثبات واتزان أبو عصب كان ينعكس على كثير من القرارات التنظيمية حيث أنه عضو الهيئة العليا لأسرى حركة حماس ورأيه من المركزيات البديهية في الحركة.
من جانب آخر يقول المحرر سامر المالكي لـ"مكتب إعلام الأسرى" : " من الذين تعلمت على يدهم فقه السنة جيدا وأسس العقيدة ومهارات الاتصال بالمجتمع هو الشيخ أبو محمود الذي لم يبخل بوقته علينا رغم أنه أمضى عدة سنوات في السجون واهتمامه بأهله وتعرضهم للمضايقات والاعتقالات تارة ومنع الزيارة تارة أخرى والتهديد المستمر له بالنقل التعسفي والردع، إلا أنه كان يعي جيدا أنه يبني جيلا لمرحلة مقبلة فجميله دين في رقابنا".
من القدس وبصمته التي ما زالت فيها حينما أسس مع جيل قيادي شباب القدس وحراس الحق فيها إلى السجون مرة ومرة ومرات إلى الحرية التي ينغص الاحتلال فيها فرحة بتعهدات وتهديدات كما غيره من المقدسيين؛ إلا أنه وفي ظل هذه المسيرة يزداد صلابة وعزة وعقيدة راسخة بأن صاحب الحق لا يهمه ما يتعرض له بل همه أنه لم يبدل تبديلا.