تتبدل الأوضاع في حياة المحرر د.ياسر محمد سعيد حماد داود(58عاماً)من سكان قلقيلية، فمنذ الانتفاضة الأولى عام 1987، وهو يعيش تجربة الأسر في اعتقالاتٍ متكررة حتى عام 2016، حيث كان الاعتقال الإداري لمدة عشرة أشهر، وفي يوم الأربعاء الماضي من هذا الشهر، كان المحرر د.ياسر حماد يعتلي حافلة الصليب الأحمر، ليكون زائراً لابنه عمار المعتقل منذ قرابة العام في سجن مجدو، وتبدل الحال في أول مرة في حياته من شخص داخل الأسر تزروه العائلة، إلى زائر في قاعة الزيارة.
يقول المحرر د.ياسر حماد لمكتب إعلام الأسرى"رفض الاحتلال منحي تصريحاً للزيارة بعد اعتقال ابني عمار، وتوجهت إلى المحكمة العليا، وسمح لي بالزيارة رغم الحظر الأمني حسب تصنيفهم، فانتظرت يوم الزيارة بفارغ الصبر ولم أكن على يقين أن تتم الزيارة، فالاحتلال يخدع الكثير من عائلات الأسرى ويقوم بسحب التصاريح الأمنية على المعابر، وعند أبواب السجون بشكل مزاجي".
يضيف حماد"عند وصولنا للمعبر الشمالي في قلقيلية، حيث كانت تنتظرنا حافلة الصليب الأحمر، حدث الذي توقعته، فقد احتج الاحتلال على البطاقة الشخصية لابنتي إخلاص، وقام بتمزيق البطاقة الشخصية، وأرجعها عن المعبر بحجة أن الصورة ليست ملتصقة تماماً بإطار البطاقة، وكانت هذه أول نكسة لنا، إلا أن الأمور تيسرت و كان الوقت مبكراً، ووجهت ابنتي إلى مديرية الداخلية في قلقيلية لاستصدار بطاقة جديدة، وطلبت من ممثل الصليب الأحمر الانتظار، وبالفعل أنجزت البطاقة واجتازت ابنتي المعبر مع تأخير زاد عن الساعتين، وانطلقنا إلى سجن مجدو في أول مرة أستخدم فيها حافلة الصليب الأحمر كزائر".
يتابع حماد قائلاً"الاحتلال يقوم بإذلال عائلات الأسرى، فما حدث مع ابنتي إخلاص فيه قمة الظلم والعنصرية، فهي أيضاً زوجة الأسير شادي عودة الذي أعيد اعتقاله ضمن حملة اعتقال المحررين في صفقة وفاء الأحرار، وعندما دخلت ابنتي المعبر على البطاقة القديمة، اعتبروها قد استخدمت التصريح في زيارة أولى مع أنها لم تقم بالزيارة، وبقي لها زيارة واحدة لزوجها، وهذا لا يحدث إلا في أعتى الدول عنصرية، فالضابط المسؤول قام بتمزيق البطاقة الشخصية، والجندي على الحاسوب احتسب الأمر زيارة".
يكمل المحرر د.حماد حديثه قائلاً"عند الوصول إلى أبواب سجن مجدو، تذكرت الأيام الخوالي والفترات الطويلة التي قضيتها فيه، منذ عهد التسعينيات وحتى السنوات القليلة الماضية، وعند الدخول بدأت مرحلة الانتظار والعذاب الجديد، فالتعامل مع عائلات الأسرى من تفتيش وانتظار ومراقبة يتسبب بمعاناة مضاعفة، ومع ذلك تتحمل عائلات الأسرى كل هذه الإجراءات في سبيل رؤية الأبناء والاطمئنان عليهم، فهم فلذات الأكباد خلف القضبان، وخلال قاعة الزيارة أتيحت لي فرصة رؤية أسرى من زملاء الأسر سابقاً، وهذه هي الهدية الثانية بالنسبة لي كمحرر".
يقول حماد"الفلسطينيون كتبت عليهم معاناة الأسر بشتى السبل، فهناك معاناة الاعتقال وزيارة المحاكم العسكرية، ثم زيارة السجون وإذلال المعابر الأمنية والانتظار طويلاً على بوابات السجون، والتفتيش قبل الزيارة والإهانة بأشكالها".
يختم د.حماد حديثه قائلاً"حافلة الصليب الأحمر تحمل هموماً متعددة، فكل عائلة أسير تخفي بداخلها معاناة مركبة ومزدوجة وتذهب العائلات بشوق وشغف وتعود بانكسار، فقد تركت خلفها الأبناء في سجون لا ترحم وإجراءات قاسية، وحديث الأسرى في الزيارة بالرغم من محاولتهم إخفاء الكثير إلا أنه يظهر رسالتهم من نبرة صوتهم ونظراتهم من خلف ألواح الزجاج التي تفصل بينهم".