على مرأى من العالم، ينتهك الاحتلال قوانين حقوق الإنسان في تعامله مع أسرى مدافن الأحياء، فلا يطبق اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة والقاضيتان بحق الأسير في العلاج والحصول على الرعاية الطبية وتوفير الأدوية المناسبة وإجراء فحوصات طبية دورية للأسير.
في مدافن الأحياء تعتبر الحبوب المسكنة الحل السحري لكافة أنواع المرض، حتى وصل الأمر بعدد من الأسرى تفضيل احتمال آلامهم على أن يعانوا انتهاكات أخرى أسوء بكثير، فأصبح ملف الإهمال الطبي المتعمد مشرعناً، يطالب الأسير لأشهر وسنوات بإجراء فحوصات دورية له، والحصول على العلاج فلا تأتِ الاستجابة، وإن أتت فمتأخرة بعد سنوات يكون فيها المرض قد أكل جسد الأسير.
في مخيم دير عمّار، شمال مدينة رام الله، تعيش عائلة الأسير المريض رجائي حسين عبد القادر السبعي(35عاماً)، وهو أحد الحالات الطبية الخطيرة التي تستوجب العلاج الفوري والإفراج الفوري كذلك، تعيش العائلة على أمل سماع خبرٍ ما يفيد بإنهاء عذاب نجلهم عبد القادر.
بدأت معاناة الأسير رجائي عبد القادر مع المرض قبل عشرة أشهر، حين تم اكتشاف معاناته من مرض السرطان، فطالب مطولاً بعلاج فوري بعد أن كشفت التقارير الطبية سبب الآلام التي يعاني منها، غير أن الاحتلال ماطل في تقديم العلاج.
مكتب إعلام الأسرى تحدث مع شقيق الأسير رجائي عبد القادر، رامي، يقول"لم يبدأ تقديم علاج له إلا بعد سبعة أشهر من اكتشاف مرضه، رغم أن التقارير الطبية كانت تشرح حالته وتوضح حاجته لعلاج فوري، وحين استجاب الاحتلال لعلاجه عقب خوضه إضراب مفتوح عن الطعام لأيام، تم نقله من سجن النقب الصحراوي إلى سجن السبع، ومن هناك كان يتم نقله إلى مستشفى سوروكا لعمل فحوصات دورية له، وإعطائه جرعات علاجية".
17 جلسة علاج كيميائي خاضها الأسير رجائي عبد القادر في مستشفى سوروكا وتبقى له 10 جلسات أخرى، في بيئة علاجية تتعامل معه بهمجية لا يفهم فيها الطبيب لغته ويكبلونه في يديه وأقدامه وفي السرير، فتترك علاماتٍ واضحة على جسده.
الأسير رجائي عبد القادر أبلغ عائلته بأن شعره بدأ بالتساقط وبدأت الالتهابات تنتشر في جسده جراء العلاج الكيماوي، ولم تبقَ عائلته مكتوفة الأيدي فقد طالبت لجنة الإفراجات المبكرة بالإفراج الفوري عنه، وعقدت له محاكم شليش، غير أن شقيقه رامي أكد على أنها كانت تتأجل في كل مرة دون استجابة.
بألمٍ قال رامي عبد القادر لمكتب إعلام الأسرى مستذكراً كلام القاضي الذي وجه لهم الحديث ضد طلب الإفراج عن شقيقه وقال فيه"لا يمكن إن يتم الإفراج عن رجائي إلا إن تبقى لموته يوم أو يومين" على أن حكم الأسير عبد القادر البالغ 43 شهراً ينتهي بعد 10 أشهر، وهي فترة غير قليلة لأسير يعاني من مرض السرطان.
محكمة الاحتلال ستنظر في طلب الإفراج المبكر عن الأسير رجائي عبد القادر مجدداً بتاريخ 23/10/2018، غير أن صحة الأسير عبد القادر لا يمكن أن تنتظر حتى هذا التاريخ، وهو يطالب وعائلته بأن يعيش ما تبقى من حياته رفقة زوجته وولديه، لا أن يموت في سجون الاحتلال.
الأسير رجائي عبد القادر أب لطفلين هما سيف ويبلغ من العمر 10 سنوات ومحمد وهو بعمر السابعة، وقد أبرق لعائلته وللمختصين برسالة قال فيها"إذا ما تبقى لي من الحياة أيام بسيطة أو أشهر معدودة، أتمنى أن أعيشها مع زوجتي وأبنائي سيف ومحمد، وأن لا أموت في سجون الاحتلال، بل في بيتي".