في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر للعام الماضي، كانت الطفلة المصابة بمتلازمة داون، رحمة حوشية (8 أعوام) من سكان بلدة قطنّة، قضاء مدينة القدس، على موعد مع ثلاث جلسات علاجية، واحدة مختصة بعيونها، وأخرى بعملية للشبكية يجب أن تجريها، ومواعيد خاصة بحواسها وحالتها الحركية، وبرفقتها كانت والدتها وجدتها وشقيقتها الكبرى أريج حوشية.
بعد تجاوز العائلة للمعبر من أجل طلب العلاج للطفلة رحمة حوشية، أفلتت الأخيرة من بين يدي جدتها وأمها وشقيقتها وهي لفرط حركتها تحتاج لهن لكي يسيطرن على طريق سيرها كي لا تؤذي نفسها، ولأنها طفلةٌ محبةٌ للحركة والمرح، تجاوزتهن وركضت باتجاه المعبر، لتلحق بها شقيقتها أريج حوشية (18عاماً) خوفاً عليها، مع اعتبار أن الجنود على المعبر شاهدوا أوراقها عند الدخول وحالتها الصحية.
لم تتوقع والدة الاسيرة أريج حوشية أن ذهاب ابنتها لجلب رحمة سيطول كثيراً، فقد تمكنت أريج بالفعل من إخراج رحمة من المسلك الخاطئ الذي كانت تسير إليه، ليوقفها جنود المعبر وينقلوها بعيداً عن اعين جدتها ووالدتها اللتان كانتا لا تزالان تحت تأثير الصدمة.
نقل جنود المعبر أريج حوشية إلى غرفة فوق المعبر للتحقيق، وظلت والدتها ورحمة والجدة تنتظران الإفراج عنها، فأوراق شقيقتها المريضة تثبت أنها لم تكن بصدد عمل شيء ما، لكن التحقيق معها طال وحين اتصلت والدتها بمحامي مختص أخبرها انها موقوفة وأن اعتقالها سيطول ويجري التحقيق معها باعتبارها موقوفة.
في غرفة التحقيق وبعيداً عن الأعين تعرصت الطفلة أريج حوشية لانتهاكٍ صارخ، فقد عمد المحقق لإزالة الحجاب عن رأسها وحين رفصت ضربها على يدها اليسرى، وتم خلع حجابها ومصادرة بقلة شعر منها ادعى المحقق أنها كانت تنوي استخدامها كسلاح وتنفيذ عملية ضدهم باستخدامها
حتى اليوم تم عرض الأسيرة أريج حوشية على محكمة الاحتلال في القدس ثماني مرات، ولم يتم النطق بحكم نهائي بحقها، وتتخوف العائلة من أن يتم إصدار حكم تعسفي بحقهل، في ظل وجود تهمة لا منطقية، وقد تم تأجيل النظر في قضيتها حتى تاريخ 22/4/2018.
تقول والدتها، أم محمد"أريج كانت سنداً كبيراً للعائلة، فهي ساعدتني في تربية رحمة ورافقتني في جلسات علاجها، وتعتبرها رحمة أماً لا شقيقة، وتبحث عنها في المنزل دائماً وتصرخ باسمها وتصلي لأجل أن تخرج وتدعو لها دائماً بالحرية".
أريج اختارت أن تغادر المدرسة مبكراً، لتجد نفسها في شيءٍ آخر، لديها صفة الفتاة العصامية لتي تود أن تتفرغ سريعاً لمساعدة عائلتها، وقد أصبحت الذراع الأيمن لهم ولوالدتها ووالدها المريض، وكانت تنام أحياناً كثيرة في المستشفى رفقة شقيقتها رحمة.
محمد (20عاماً) أسيل (16عاماً) إبراهيم (12عاماً) صدام (10 سنوات) ورحمة الصغيرة، هم عائلة كانت أريج بالنسبة لها أماً واختاً وسنداً، واليوم يتخوفون من أن يطول اعتقالها في الوقت الذي يتم التلاعب بأقوال الشهود في محاكمها واتهامها تارة بأنها كانت تنوي تنفيذ عملية، وتارة بأنها تهجمت على الجنود.
صوت أم محمد القادم من بيتها في بلدة قطنّة بدا متعباً وهي تقول"كانت أريج تحمل عني جزءاً كبيراً من المسؤولية، واعتقالها كان لإنقاذ أختها من الدخول لمسلك خاطئ على المعبر، واليوم تطور الأمر ليصل إلى اتهامهما بتنفيذ عملية باستخدام زينة شعر، وتم التنكيل بها ونزع الحجاب عنها، ونحن لا نملك إلا أن ننتظر بقلقٍ وألمٍ كبير".