في أعقاب وقوع أي عملية فدائية في القدس المحتلة تنفذ شرطة الاحتلال وقواتها الخاصة سلسلة من الإجراءات الأمنية التي توصف عادة بالعدائية ضد أهل المدينة الذين يتعرضون لأشكال عدة من الهمجية، وتختلف تلك الإجراءات ما بين التفتيشات القاسية والمنع من العبور أو اقتحام المنازل وتخريب المحلات التجارية في مكان وقوع عملية الطعن.
ومن ضمن الممارسات التي يحاول الاحتلال من خلالها الضغط على المقدسيين هي حالات الاعتقال الشرسة التي تطالهم رغم عدم معرفتهم المسبقة بتنفيذ أي عملية، ولكن هذه المرة تكون التهمة مثيرة للجدل؛ وهي عدم منع وقوع العملية!
اعتقال انتقامي
في أعقاب العملية التي وقعت مساء يوم الأحد الماضي في شارع الواد بالقدس والتي نفذها الشهيد عبد الرحمن بني فضل من قرية عقربا جنوب مدينة نابلس؛ شرع الجنود بتنفيذ حملة تفتيش استفزازية للشبان المارين من أمام باب العامود، كما أغلقوا كافة مداخل البلدة القديمة ومنعوا المقدسيين من التخرك بحرية.
بدوره ذكر مركز معلومات وادي حلوة الذي يرصد اعتداءات الاحتلال في المدينة بأن قوات الاحتلال اعتقلت في اليوم التالي (الإثنين) ثمانية مواطنين مقدسيين بينهم فتى ومسنة على خلفية "عملية الطعن في القدس القديمة" والتي أدت إلى مقتل حارس صهيوني واستشهاد منفذها عبد الرحمن بني فضل.
وأشار إلى أن حملة الاعتقالات جاءت بعد اقتحام الجنود لعدة شوارع وأحياء في البلدة القديمة خاصة شارع الواد وما يحيط به؛ بينما وجهت للمعتقلين تهمة تواجدهم في مكان وقوع العملية وعدم فعل أي شيء لمنعها!
وأكد بأن من تم اعتقالهم هم من سكان البلدة القديمة أو يملكون محلات تجارية في شارع الواد ومن الطبيعي التواجد في هذا المكان كل وقت، بينما أوضح بأن الذين تم اعتقالهم هم المسنة فرحة عبد دعنا (67 عاما) والمسن زهير عبد الرحيم دعنا (62 عاما) واللذان تم الإفراج عنهما لاحقا بعد التحقيق معهما، كما تم اعتقال الفتى عبد الرحمن صندوقة (14 عاما) وخالد عمار غنيم (21 عاماً) ورامي نواف عبد السلام (37 عاماً) وسعد عبد قطينة (35 عاماً) وعمر أحمد عوض (20 عاما) ومحمد سعد البكري (20 عاما) ووجهت لهم جميعاً تهمة "عدم منع جريمة".
تهمة سخيفة
وتثير هذه التهمة السخرية في أوساط الشارع المقدسي؛ فحتى لو فرحوا لتنفيذ عملية فدائية كيف لهم أن يعلموا بإمكانية وقوعها؟ بينما يعاملهم الاحتلال وكأنهم طرف في الأمر ويعاقبهم على صمتهم أو تحركهم.
ويقول الشاب أسعد ياسين لـ مكتب إعلام الأسرى إنه لا ينسى يوم تنفيذ عملية الشهيد مصباح أبو صبيح؛ حيث كانت قوات الاحتلال مستنفرة بشكل كبير وبعد ساعات من وقوع العملية شرعت بمعاقبة من قام بتصوير العملية رغم أنها مقاطع تم تصويرها من أماكن بعيدة بشكل مفاجئ بعد أن سمع أصحابها أصوات إطلاق النار.
ويضيف:" أذكر يومها أن ضباط الاحتلال كانوا يبحثون عمن أطلق التكبيرات خلال تصويره إعدام الجنود للشهيد داخل المركبة؛ واعتبروا ذلك تشجيعا للشهيد على عمليته، وبالفعل تم اعتقالهم وتوجيه تهم لهم".
بدورها تقول الشابة سماح عبد المحسن لـ مكتب إعلام الأسرى إن توجيه مثل هذه التهمة يوضح مدى الفشل الأمني للاحتلال؛ فيقوم باعتقال مجموعة من الأشخاص لأنهم تواجدوا قرب منازلهم أو أماكن عملهم التي تكون أحيانا مسرحا للعمليات الفدائية، وبالتالي هذا يثبت أن الاحتلال يتخبط في التعامل مع المقدسيين.
وتتابع:" ماذا يعني أن سيدة مسنة لم تمنع عملية فدائية؟ ماذا بإمكانها أن تفعل إذا شاهدت فدائياً يقوم بطعن مستوطن مثلا؟ كل هذه الحجج والتهم هي فقط لإرضاء المستوطنين وكي يظهروا لهم أنه بإمكانهم اعتقال فلسطينيين على خلفية تلك العمليات".