45 عاماً لقاء كل كغم يزنه اليوم
الأسير إياد نصار: منذ عمر ال15 لم يعرف جسده الراحة عزلٌ إنفرادي وملف طبي يهدد حياته
تقرير/ إعلام الأسرى

 تؤكد شهادات أسرى محررين ومحاميين أسرى على أن الأسرى اليوم في أسوء فترة اعتقال ممكنة، يرفضون محاكم الاستئناف ويرفضون زيارة المحامي فقط كي لا تعمد إدارة السجون لضربهم، وفي ظل هذا كله فإن بعض قصص الأسرى تتجاوز حد المنطق، بعضهم يبدأ مشواره في عمرٍ غض يتابع مسيرة من حوله من محبي وطنه، من ذويه الذين غرسوا فيه حب الأرض وأورثوه عشق الشجر والحجر ورائحة التراب، بعضهم تحفظهم البلاد وإن لم تنصفهم الحكايات، تعلم السماء حجم تضحياتهم، يخبأ الله أجرهم إلى يوم الخلود، بعضهم جنودٌ مجهولون يستحقون بعضاً من حديث وكلمات تسعف ولو بشكلٍ متوواضع سجلهم النضالي وتضحياتهم اللامتناهية.

 مكتب إعلام الأسرى يسلط الضوء عليهم في سلسلة تسرد تضحيات الأسرى المعزولين والقيادات وأصحاب الأحكام المؤبدة اللامنطقية، على جملة من الأسرى وقصصهم وقصص عزلهم وتنقلاتهم وظروف الإهمال الطبي الذي يتعرضون له، ومنهم الأسير إياد محمود صالح نصار(45 عاماً) سكان طولكرم، صاحب حكم ال30 عاماً، الحكم الذي حصل عليه حتى بعد طول عناء وطول استئناف، إياد أحد الأسرى المجهولين في معركة الشعب الفلسطيني، اسم لم ينل حظه من المعرفة رغم عمق التضحيات وسوء ما يتعرض له في سجون الاحتلال.  

 تربى الأسير نصار في بيت لا يعرف معنى الذل، بيت مقاوم، والد أسير، وشقيق أسير ولاحقاً شهيد، تعرض لمحاولة اغتيال حين قصف طائرة الاحتلال موقعه في طولكرم رفقة الشهيد عصام الجيوسي، أعلن على إثرها عن استشهاده وبقي هذا الخبر الذي تقلدته عائلته لفترة طويلة بكل فخر وألم، حتى بلغها لاحقاً أن ابنها موجود في مستشفى الخضيرة في الداخل المحتل يعاني من عدة جروح في جسده ومن حجم إصابة بالغ.

 أصبح إياد نصار لاحقاً أسيراً حياً، يحمل إصابة القصف وإصابة تعرض لها كذلك في عمر طفولة مبكر حين كان فقط بعمر ال15 عاماً، عام 2004 تعرض إياد لحكم جائر مدته مؤبد و15 عاماً، وتوضح عائلته في حديثها لمكتب إعلام الأسرى أنه حصل على تخفيض لقاء فقده النظر في عينه بعد استئناف ضد حكمه لسنوات حتى وصل ل30 عاماً، اليوم يدفع منها من جلده وإصاباته والشظايا المنتشرة في جسده، والملف الطبي الذي يجهل هو كما تجهل عائلته حيثاته.

 الأسير إياد نصار وحين إصابته أخضعه الاحتلال ل3 عمليات ولم يعرف تفاصيل هذه العمليات وإن كان خسر أعضائاً من جسده أم لا ولا تملك العائلة حتى اليوم حق الحصول على تفاصيل هذا الملف الطبي كغيره من أسرى كثر لا يعرفون الكثير عما يقدم لهم من علاج في فترات تعرضهم للإصابة.

 فقد الأسير نصار الرؤية في إحدى عينيه، والعين الأخرى تعاني من تجمع ماء فيها نتيجة اعتماده الكلي عليها ونتيجة ما يعانيه من آلام، أخبر الاحتلال إياد بأن هناك شظايا في عينه أفقدته القدرة على الرؤية ولا يمكن استخراجها، وهو بحاجة ماسة لقطرة لعينه الأخرى بشكل دائم ويومي ولنظارة يومية خاصة في حال تنقله من سجن لآخر، حيث يمنع تعرضه لأشعة الشمس أو الإضاءة بدونها، كما ويعاني نتيجة عدم تعقيم متعلقات الأسرى من مرض جلدي بسبب استخدامه لسرير أسير آخر مصاب حين نقله.

 الأسير إياد نصار نقل إلى عزل جانوت، حي تعرض للضرب أكر من مرة، لم ينل حريته في صفقات الأسرى جلها، انتظرته عائلته بحنان دائم، وحتى حين كانت عائلته في طريقها لأداء مناسك العمرة ذات صفقة عادت حين سمعت اسمه مدرجاً بين الأسماء ليتبين لاحقاً أن اسمه يتشابه مع اسم أسير آخر أطلق سراح، وبقيت غصة انتظار الحرية عالقة في حلق عائلته.

 عائلة إياد نصار تجرعت من الألم الكير، فقد حرمت من زيارته لسنوات طويلة جداً حتى سنوات قليلة قبل حرب السابع من أكتوبر ونتيجة الحرب ونتيجة ما فرضته إدارة السجون من حظر معلومات وزيارات عادت عائلته لتغيب عن الصورة مجدداً.  

 تعرض منزل الأسير نصار للهدم مرتين، واليوم أضحى نقطة عسكرية لصالح الاحتلال في ظل ممارسته في طولكرم، فقد إياد أخيه صالح عام 2003، وفقد أمه عام 2015، لم تتح له فرصة عيش ألمهما كما يجب، واليوم يغلق عزل جانوت بابه على ألمه وشظايا في جسده وحساسية وانتفاخ والتهاب في عينه، وحتى على شعره الطويل وأظفاره التي لم تنل حقها من القص على حد وصف الأسرى المحررين لعائلته حين تواصلهم معه، ويفقد ملامحه شيئاً فشيئاً نتيجة وصول وزنه إلى 45 كيلو، تقول عائلته المحبة بمزيد من ألم: (اليوم يصبح وزن إياد مطابق لعمره، كيلو عن كل عام).

 تضيف عائلته" إياد حول معاناته إلى قوة، فواصل تعليمه داخل السجون، وحصل على البكالوريوس في التاريخ، ثم على الماجستير في العلوم السياسية والقانون الدولي، وهو اليوم يحضر للدكتوراه، ويكتب الشعر ليدون بمداد الألم والأمل قصة نضاله، منتظراً يوم الحرية ليطبع ديوانه، إياد ليس مجرد أسي، بل هو حكاية عزيمة لا تُكسر، وصمود يزهر رغم القيود.

يؤكد عدد من الأسرى المحررين أن أساليب نقل الأسرى من سجن لآخر ومن عزل لآخر تتضمن ربط قدميهم ويديهم معاً ولمدة ما يقارب ال10 ساعات يعانون من هذه الوضعية، ولا يستطيع الأسير نصار تحمل هذا الوضع إن تعرض له فقد يسبب نزيفاً في عينيه خاصة في ظل غياب استخدامه لنظاراته الطبية التي تحميه من الشمس والضوء.

 حيث يتواجد الأسير نصار في جانوت تؤكد شهادات المحررين ومحامي الأسرى على أن السجن يعاني من رطوبة وهو سجن من إنتاجات الاحتلال ما بعد حرب السابع من أكتوبر بعد دمج سجني نفحة وريمون، ينتشر العفن في أرجائه، اكتظاظ شديد في غرفه ليصل عدد الأسرى ل16 أسير في لغرفة الواحدة، يسمح للأسير بالاستحمام لمدة 10 دقائق كل شهر، لا مقص للأظافر ولا للشعر، لا ملابس داخلية سوى قطعة يعاد غسلها مراراً، الطعام شحيح ولا ماء ساخن لا شيء ليشرب، لا فاكهة لا لحوم لا دجاج، لا يتم تعقيم الغرف فتنتقل العدوى بسهولة وسرعة بين الأسرى تاركة مرض سكابيوس ودمامله لتنهش أجسادهم.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020