"مُبدعة القِسم" : لينا التي تداوي الأسْر بالحُبّ
تقرير/ إعلام الأسرى

في ظهيرة يوم صيفي خانق في سجن الدامون المعلق على الكرمل المسلوب، أطلت لينا محمد رمضان " محتسب" المعروفة ب " زوز" من نافذة الزنزانة رقم 5، بصوتها الدافئ الذي يشبه حضنا ناعما في برد الأسر، قالت:

"وضعي ممتاز… مُبدعة القسم، بعمل مساج طبيعي للصبايا، دورات شعر، وكل مشكلة بنلاقيلها حل".

كأنها لم تعتقل قبل ثلاثة أشهر فقط، يوم 2 نيسان 2025، حين اقتيدت من الخليل، وهي أمٌ لأربعة: زينة، ليث، جُمان، وياقوت، ومعلمة رياض أطفال ومرحلة أساسية في مدرسة خاصة.

اقتادوها أولا إلى كريات أربع، ثم بيت شيمش، فالمسكوبية التي احتجزوها فيها 22 يوما من الانتزاع البارد، ومنها إلى الشارون، ليلة واحدة فقط، قبل أن تلقى في ظلام الدامون.

في زنزانتها ذات الجدران الثمانية والأرواح الثمانية، تقيم لينا الآن. حرارة لا تطاق، فورة لا تتجاوز نصف ساعة لثلاث غرف، أبواب مغلقة، وهواء محبوس، لكن رغم كل ذلك، تسند من حولها.  

تتبادل الحديث مع: ميسر، شيرين، إسلام، شيماء، أسيل، ربى، وإيمان سبع نساء يحملن على أكتافهن تفاصيل كل بيت تركنه خلف القضبان.

سمِعت لينا أخبار العائلة ففرحت، خاصة بالحوامل الجدد، وطلبت تهنئتهن، ثم انكسر صوتها وبكت حين علمت أنّ والدتها وأخيها نافز الأسير المحرر أُعيدا من طريق الحج.  

همست بوجع: "معقول لأن أمي والدة الشهيد مهدي محتسب؟"

هي لينا التي تحفظ شجرة العائلة كأغنية، وتعد أسماء من تحبهم كسبحة لا تنقطع: أمها، أبوها، أخواتها إيمان وآيات ونفوز، زوجها، حماتها، سلفاتها، بنات حماها، وصاحباتها وحتى بتول، ابنة شقيقتها، التي وعدتها برسالة خاصة:

"فش أوراق وأقلام، بس أطلع بنكتب سوا عن التجربة.. خالتك قوية".

ثم سلمت على الجميع، وبصوت يصر على الحياة، قالت عن أولادها:

"كثير بحبهم وبحلم فيهم كثير".

وعندما حان الوداع، كانت كلماتها الأخيرة كأنها نشيد الأسرى في كل الزنازين: "صحتي ممتازة، ولا حبّة دواء… أنا قدّها".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020