في زنازين الظلم الممتدة على أكثر من 26 معتقلا وسجنا ومركز تحقيق، يقبع اليوم نحو 10,400 أسير فلسطيني، حكاياتهم موزعة بين القهر والصبر، بين المرض والصمود، بين الطفولة التي سُرقت والأمومة التي قُيّدت، وبين جراح لا تندمل في جسد وطن يحفظ أسماءهم ويرتّلها في كل نشيد حرية. *لكن هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات إنها وجوه* .
الأسيرات : قيدٌ في خاصرة الحياة
47 امرأة فلسطينية يُكملن معارك الكرامة في الزنازين، اثنتان منهن من غزة، إحداهن الأسيرة المسنة سهام أبو سالم (66 عاما)، شاهدة على جريمة مضاعفة: العمر الطويل في زنزانة ضيقة.
بين الأسيرات:
15 أمّا تحاول كل واحدة أن تحتفظ بصوت طفلها في ذاكرتها المرتجفة.
قاصرتان ، خطفتهما قبضة الاحتلال من أحلام المراهقة إلى جدران التحقيق.
10 إداريات ، بلا تهمة وبلا محاكمة، فقط لأن الاحتلال يريد.
أسيرتان حامل، تتسرب الحليب من صدورهن قبل أن يعرف مواليدهن شكل الضوء.
أسيرتان مصابتان بالسرطان ، تقاومان الموت في مكان لا يعترف بالحياة.
أسيرتان معتقلتان منذ ما قبل الحرب، الاحتلال رفض شملهما بأي صفقة: شاتيلا أبو عيادة وآية الخطيب، صارتا رمزا للخذلان الدولي والصمود الفلسطيني.
الأطفال : براءة تحت القضبان
440 طفلا هم أسرى الطفولة المسروقة.
من بينهم:
205 أطفال محكومون كأنهم مجرمون وليسوا مجرد أبناء للحرية.
100 طفل إداري، لا يعرفون ما التهمة ولا متى تنتهي الحكاية.
والبقية موقوفون في انتظار محاكمات قد تسرق أعمارهم.
تم تفريغ سجن الدامون من الأطفال، ونقلوا إلى مجدو وعوفر، في مشهد يعكس استباحة الاحتلال لطفولتنا.
المرضى : حين يتحوّل السجن إلى مستشفى موت
2,500 أسير مريض، يموتون ببطء تحت رعاية قاتلهم.
260 منهم يعانون من أمراض خطيرة.
27 مصابون بالسرطان، بلا علاج، بلا أمل.
22 معاقًا حركيًا أو نفسيًا، يتكئون على جدران الزنازين أكثر مما يتكئون على أجسادهم.
3 أسرى مصابون بشلل نصفي، لا يتنقلون إلا على كراسي العجز.
أمراضهم حُكم إضافي في محكمة لا تجيد إلا إصدار أحكام الإعدام الصامت.
عمداء الأسرى : عقود من الظلمة لم تطفئهم
248 أسيرا تجاوزت فترة اعتقالهم 20 عاما، منهم:
18 أسيراً أمضوا أكثر من ثلاثين عامًا، أقدمهم "إبراهيم أبو مخ".
17 من قدامى الأسرى اعتقلوا قبل اتفاق أوسلو، تجاوزت أعمار اعتقالهم الثلاثة عقود.
في زنازينهم، يشيخ الزمن ولا يشيخ الانتماء.
الصحفيون : الكلمة مقيدة بالأغلال
55 صحفيا يقبعون خلف القضبان، لأنهم حملوا الحقيقة ولم يُخضعوها للرواية الإسرائيلية.
كل كاميرا تُقمع، وكل قلم يُسجن، خوفا من شهادة تنجو.
"المقاتلون غير الشرعيين" : صيغة قانونية لدفن المعتقلين
في سابقة خطيرة صنّف الاحتلال 2,214 أسيرا من غزة على أنهم "مقاتلون غير شرعيين"، ما يسلبهم حتى أبسط حقوق الأسير، ويُبقيهم قيد الاحتجاز إلى أجل غير مسمى.
هذا العدد لا يشمل المئات، وربما الآلاف، ممن لا يزالون محتجزين في معسكرات جيش الاحتلال:
منشه، سيديه تيمان، معسكر عناتوت، نفتالي، والمعتقل تحت الأرض في الرملة.
المفقودون من الأسرى : لا رقم ولا اسم
لا تُوجد تقديرات دقيقة لأعداد النساء الغزيات المعتقلات خلال الحرب، ولا لأعداد من استُشهدوا تحت التعذيب أو القصف داخل مراكز الاحتجاز، خصوصًا من أصل نحو 12 ألف مواطن اعتقلوا خلال حرب الإبادة، لم يتبقَ منهم سوى قرابة *3000* أسير أحياء.
الأسرى الشهداء : من زنزانة إلى نعش مغلق*
310 أسيرا استشهدوا منذ 1967، بينهم:
73 أسيرا منذ 7 أكتوبر 2023.
115 نتيجة التعذيب.
109 نتيجة الإهمال الطبي.
79 قتلهم الاحتلال عمدا بعد اعتقالهم.
7 أصيبوا برصاص وهم داخل الزنازين.
جثامين 80 شهيدا ما زالت محتجزة، منهم 71 منذ حرب غزة الأخيرة، وأكثر من ذلك من أسرى غزة الذين لا نعرف عنهم شيئًا.
ليست هذه الأرقام سوى شواهد على جرحٍ مفتوح، تختزل في طيّاتها أسماء وأحلامًا وصرخات خلف القضبان.
في كل زنزانة قلبٌ يخفق بالحياة رغم القيود، وفي كل رقم حكاية تُروى بصمت منسي.
إنهم ليسوا مجرّد معتقلين، هم شهداء أحياء، أمهات محرومات من فلذاتهن، أطفال سُرقت طفولتهم، مرضى يُقتلون بالتقسيط، وصحفيون اعتُقلوا لأنهم أرادوا قول الحقيقة.
هذا التقرير لا يُغلق بما يُكتب في السطر الأخير، إنما يُفتح في كل صباح جديد حين يسأل طفل عن والده الأسير، أو تصرخ أمٌّ في فراغ بيتها أن "حرية ابنها لا تقبل المساومة".
لأجلهم : علينا أن نكتب، ونوثّق، ونُطالب، ونُذكّر العالم أن خلف القضبان هناك شعبٌ لا يزال يناضل من أجل إنسانيته.