يواصل الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب جريمة الإهمال الطبي بحق الأسرى الفلسطينيين دون رادع قانوني أو إنساني، في ظل صمت دولي مخز. وفي معتقل "عوفر" تحديدا، تتفاقم معاناة الأسرى المرضى، وتتجسد في حالتين إنسانيتين صادمتين هما الأسير الشاب عوض زعاقيق، والمحرر المعاد اعتقاله أحمد الحاج علي.
عوض زعاقيق.. جرح لا يندمل
الأسير عوض زعاقيق (22 عاما) من بلدة بيت أمر شمال الخليل، أصيب برصاص الاحتلال في ساقه اليسرى خلال اعتقاله في الأيام الأولى من الحرب الجارية. ومنذ لحظة إصابته وحتى اليوم، لم يتلق أي علاج جدي، بل ترك يواجه الألم والتورم والإعاقة داخل الزنزانة.
وتفاقمت معاناة زعاقيق بإصابته بمرض السكابيوس (الجرب)، والذي بات ينتشر بشكل مخيف بين الأسرى نتيجة ظروف الاحتجاز المهينة، وانعدام الرعاية الصحية والنظافة الشخصية. رغم المطالبات المتكررة من الأسرى بتقديم العلاج له، تواصل إدارة "عوفر" سياسة التجاهل والتعنت، في مشهد يجسّد النية الواضحة لإلحاق الأذى المتعمد به.
أحمد الحاج علي.. جرعة واحدة خلال 9 أشهر
في المقابل يعيش الأسير أحمد الحاج علي (35 عاما) من مخيم الأمعري في رام الله، معاناة مضاعفة مع مرض كرونز (Crohn’s disease)، وهو مرض مزمن يصيب الجهاز الهضمي، ويحتاج إلى علاج دوري منتظم.
قبل اعتقاله، خضع الحاج علي لعملية جراحية تم خلالها استئصال جزء من أمعائه، ويفترض أن يتلقى جرعة بيولوجية كل 6 أسابيع لضبط المرض ومنع تفاقمه.
لكن منذ نحو 9 أشهر، لم يحصل الأسير إلا على جرعة واحدة فقط، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية بشكل كبير. وقد نُقل قبل أسبوعين إلى مستشفى "هداسا"، وهناك تم إعطاؤه دواء خاطئا تسبب له في حساسية ومضاعفات خطيرة. وبعد أن خضع لعملية تنظير، أبلغ أن ما جرى كان نتيجة "خطأ طبي"، دون أي محاسبة أو تدارك.
سياسة ممنهجة ومتعمدة
ما يتعرض له زعاقيق والحاج علي لا يمكن فصله عن السياق العام لما يسمى "سياسة الإهمال الطبي المتعمد"، التي أودت بحياة عشرات الأسرى، وآخرهم الشهيد فارس قديح من غزة، والأسير المحرر معتصم رداد الذي استُشهد بعد تحرره بفترة وجيزة نتيجة مرض السرطان الذي فتك بجسده داخل السجون.
ويؤكد حقوقيون أن الاحتلال يستخدم الحرمان من العلاج كأداة انتقامية بحق الأسرى، خاصة المرضى، في انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف، التي تلزم دولة الاحتلال بتقديم الرعاية الصحية للمعتقلين.
يطالب مكتب إعلام الأسرى بالتحرك العاجل لإنقاذ حياة الأسيرين زعاقيق والحاج علي، وسائر المرضى داخل المعتقلات، عبر الضغط على الاحتلال للسماح بدخول لجان طبية محايدة، وتقديم العلاج اللازم، ووقف سياسة القتل البطيء التي تمارس خلف القضبان.