الإخفاء القسري ومعتقلو غزة .. "مقاتلون غير شرعيين" في عتمة الزنازين والهوية
إعلام الأسرى

منذ بدء حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، لم تقتصر الانتهاكات على القصف والتدمير، بل امتدت إلى واحدة من أخطر الجرائم الصامتة: الإخفاء القسري بحق المعتقلين، وخاصة المئات من سكان غزة الذين تم اقتيادهم قسرا من بيوتهم أو أماكن لجوئهم المؤقتة، دون إبلاغ ذويهم أو تمكينهم من التواصل مع العالم الخارجي، ودون توجيه لوائح اتهام رسمية.

أكثر من 1800 معتقل وظلام

المعطى الرسمي الوحيد المتوفر حتى اللحظة حول أعداد معتقلي غزة، هو ما أعلنت عنه إدارة سجون الاحتلال تحت تصنيف "المقاتلين غير الشرعيين"، والبالغ عددهم (1846 معتقلا)، بينهم أسيرة واحدة فقط معلومة الهوية، وهي الأسيرة سهام أبو سالم.

لكن هذا الرقم لا يعكس حقيقة الواقع، إذ تُخفي سلطات الاحتلال المئات من المعتقلين دون إعلان أسمائهم، أو السماح للمحامين بزيارتهم، أو التواصل مع ذويهم، ما يُشكّل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وتحديدًا لاتفاقية جنيف الثالثة والرابعة.

شهداء خلف الجدران.. وأسماء مجهولة

من بين هؤلاء المعتقلين، ارتقى 44 أسيرا من غزة بعد اعتقالهم، لكن هوياتهم لا تزال مجهولة حتى اليوم. ويُعدّ هؤلاء جزءًا من 70 أسيرا ومعتقلا استشهدوا منذ بدء العدوان  وهي أعداد لأشخاص فقط تم التعرف على هوياتهم، بينما يُرجّح أن هناك شهداء آخرين ما زالوا في عداد المخفيين قسرًا داخل معسكرات الاعتقال.

من هم "المقاتلون غير الشرعيين"؟*  *مصطلح قانوني أم غطاء للجريمة

يستند الاحتلال إلى ما يسمى بـ"قانون المقاتلين غير الشرعيين" الصادر عام 2002، والذي يسمح له باعتقال الفلسطينيين من غزة دون توجيه تهمة، ودون تحديد مدة اعتقال، بناء على الاشتباه فقط بأنهم شاركوا في "أعمال عدائية" ضد "أمن الدولة".

هذا القانون يتجاوز القانون الدولي ويخرق بشكل صارخ:

* المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن عدم الاعتقال التعسفي.

* اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 147) التي تُصنّف الإخفاء القسري كجريمة حرب.

* القانون الدولي الإنساني الذي يُلزم دولة الاحتلال بتوفير معلومات عن المعتقلين وتمكينهم من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم.

إن تصنيف معتقلي غزة بـ"غير شرعيين" هو خدعة قانونية الهدف منها التحايل على المسؤولية، وإعطاء غطاء قانوني زائف لممارسة التعذيب والإخفاء والتنكيل، وصولا إلى التصفية الجسدية دون محاسبة.

انتهاك مركب: إخفاء وتعذيب وتنكيل

الأسرى الذين تم احتجازهم بموجب هذا القانون يتعرضون لانتهاكات جسيمة، من بينها:

* التعذيب الجسدي والنفسي.

* الحرمان من الرعاية الطبية.

* عدم السماح بزيارة المحامين.

* الإخفاء الكامل عن الأهل ووسائل الإعلام.

وقد وثقت منظمات حقوقية، منها مؤسسة "هموكيد" الإسرائيلية، استخدام هذا القانون لإبقاء معتقلي غزة في حالة "احتجاز خارج القضاء"، دون الوصول لمحاكمة أو مراجعة قضائية عادلة.

إن ما يجري بحق معتقلي غزة من إخفاء قسري، وتصنيفهم كمقاتلين غير شرعيين، هو جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية تستدعي تدخلا دوليا عاجلا.

يدعو مكتب إعلام الأسرى اللجنة الدولية للصليب الأحمر لكشف مصير كافة المعتقلين وتوثيق أوضاعهم الصحية والاعتقالية.

الأمم المتحدة وهيئاتها القضائية، إلى التحقيق الفوري في جريمة الإخفاء القسري داخل سجون الاحتلال.

ويطالب محكمة الجنايات الدولية لفتح ملف "المقاتلين غير الشرعيين" باعتباره غطاء قانوني زائف للإبادة المنظمة.

مئات العائلات في غزة تبحث عن أبنائها بين الركام، وتنتظر خبرا عن مصيرهم من خلف جدران الأسر والسجون.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020