إبداعات الأسرى الفلسطينيين.. محاولة لدق جدران الخزان
تقرير/ إعلام الأسرى

يحاول الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي مقاومة السجان بكل ما أوتوا من قوة، من ذلك إشغال وقتهم بإبداعات متعددة، تكون مصدرًا للسعادة لهم، ويمكن إرسالها لذويهم كتذكارات فنية، أو يسعى بعضهم لتطوير ملكته في الكتابة سواء في عالم الشعر أو القصة أو تأليف الكتب على كافة أنواعها ومجالاتها الاقتصادية والسياسية وغيرها..

فهناك الكثير من الأسرى الذي أبدع في الأدب والكتابة والروايات، والموسيقى والشعر والقصائد، والفنون التشكيلية، واللوحات والرسومات، والمعارض الفنية، والحرف اليدوية، والمشغولات اليدوية.

ففي مجال الكتابة.. العديد من الأسرى حرص على تدوين تجربته في الأسر، وتدوين حياتهم اليومية حتى وإن لم يكن لديهم أمل في أن ترى النور ذات يوم، ومنهم من ألف روايات وكتب فكرية، مثل الأسير أمجد عبيدي الذي ألف كتابًا عن المقاومة، وليلي أبو رجيلة الذي كتب رواية بعنوان "ليلة في الجحيم" تحكي عن تفاصيل الاعتقال والتحقيق.

ومن الأسرى الذين برعوا في مجال الكتابة داخل السجون: الأسير عبد الله البرغوثي، والأسير وليد الهودلي، والأسير محمود عيسى، والأسير ناصر أبو سرور، وعلي جرادات وفاضل يونس

فكتاب "أمير الظل" للبرغوثي كتبه وهو بالعزل الانفرادي، يتحدث عن سيرته وتجربته في المقاومة، والهودلي أسير سابق كتب روايات مثل "ستائر العتمة"، و"خفافيش الليل" يوثق فيهما حياة الأسرى في التحقيق والعزل.

بينما الأسير عيسى ألف سلسة كتب وهو داخل السجن، منها رواية "صابر" التي كتبها بخط يده، وخرجت للعالم عن طريق محاميه.

والأسير علي جرادات الذي كتب "شمس الأرض" وهي رواية تنقل تفاصيل دقيقة عن المداهمات والتحقيق والزنزانة والعلاقات بين الأسرى.

والأسير ناصر أبو سرور الذي كتب خواطر بعنوان "ذكريات في الزنزانة" تتناول شوقه لأمه وكيف قضى أول رمضان بعيد عنها!

بينما كان الشعر في ذات الوقت سلاح آخر بيد الأسرى، من خلاله بثوا في قصائدهم حب الوطن والأمل والحلم بالحرية، وكان يسعى الأسرى لتهريب قصائدهم بشتى الطرق حتى يتم نشرها لاحقًا.

ولم يتوقف الأسرى عند حد كتابة الشعر والقصيدة، بل لحنوها لتكون لهم أغاني وأناشيد يرددونها في المعتقل، ويرسلون أخبارها مع زيارات المحامين أو الرسائل المهربة، أو الأسرى المحررين.

ومن الشعراء الأسرى نستذكر أسرى ومحررين، منهم محمد أبو لبن الذي كتب ديوان "أيام منسية خلف القضبان" يصف فيه عزلة الأسرى وشوقهم للحرية، وعلي عصافرة الذي كتب ديوان "الضوء والأثر" داخل السجون يتناول فيه مفارقات الحياة اليومية بين الظلام والنور، وسمير سرساوي الذي كتب قصائد على أوراق دفاتر مدرسية تم تهريبها ونشرها لاحقًا.

وإن كان بعض الأسرى لديهم موهبة الصوت الجميل، قد يعلو صوتهم بين الأقسام، وبأدوات بسيطة يصنعون الدف أو أي آلة موسيقية، وتنشر هذه الأناشيد والأهازيج بين الأقسام انتشار النار في الهشيم!

ومن الأسرى الذين أطلق عليهم لقب "مطرب السجن" الأسير عصام الزبن، كان يؤلف الأغاني الوطنية التي ينتظرها الأسرى في كل مناسبة.

فيما كان يحاول السجان ذاته إشغال الأسرى بوسائل مختلفة لامتصاص أي محاولة منهم للمقاومة، لكنه لم يكن يعرف أن الأسرى يستثمرون أي وسيلة لتكون إعلان تحدي وصمود بطريق مخفي، فعندما كان يوفر السجان للأسرى موادًا للمشغولات الفنية أو الرسم أو التطريز الفلاحي، عمد الأسرى لصنع مشغولات ولوحات تتحدث عن الوطن ورسم خرائط لفلسطين، وإنشاء مجسمات للمسجد الأقصى والقدس وقبة الصخرة، ومفاتيح العودة، وغيرها مما يظهر عميق تجذر حب الأسرى لفلسطين الوطن والقضية.

وبعض اللوحات التي رسمها الأسرى استخدموا فيها قطع قماش ممزقة تم تحويلها إلى لوحة فنية، ويلجأ الأسير لصنع ألوان لوحته بنفسه من بقايا الطعام مثل البنجر والقهوة والكركم.

وبالنسبة للمجسمات، يستثمر الأسير أي شيء وكل شيء حوله، ليصنع منه مجسم، مثل قطعة صابون أو خشب، وحتى حبات نوى الزيتون!

وبالانتقال للحديث عن التطريز والمشغولات الفنية، فهو الجانب الذي تبرع فيه الأسيرات بشكل خاص، مثل تطريز الكوفية الفلسطينية، أو تطريز عبارات تتحدث عن الحرية والصمود في وجه السجان، بينما يبرع الأسرى بشغل الخيطان والخرز فيخرج إنتاجهم على هيئة مسابح وأساور وحلي يهدونها لأمهاتهم وزوجاتهم.

وفي كثير من الأحيان كانت تعرض أعمالهم في معارض فنية مثل معرض "تحية لأسرى وأسيرات الحرية" الذي أقيم في العاصمة اللبنانية بيروت عام 2023، أو تعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر على إيصالها لذويهم خارج السجون.

ومن الأسرى الذين خرجت أعمالهم إلى النور، الأسير الغزي حسن سلامة -صاحب عمليات الثأر المقدس للشهيد يحيى عياش- والذي رسم لوحات باستخدام القهوة، والأسير محمود عيسى الذي نحت مجسمًا لقبة الصخرة من عظام الزيتون، والمحرر نائل البرغوثي الذي صنع مجسمًا لسفينة باستخدام علب التونة والأسلاك خلال إحدى فترات عزله.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020