جردوا من ملابسهم ومُنع عنهم النور في المساء ولم يعلموا موعد شهر رمضان حينما هلّ هلاله.. ليكونوا وهم في حداثة سنهم شهودًا على عدو "إسرائيلي" يسلب الفلسطينيين بأطفالهم وشبابهم وشيوخهم حقهم في الحياة ويحاول بكل جهده منعهم من ممارسة شعائرهم الدينية.
في سجن "مجدو الإسرائيلي" حيث يقبع مئات الأسرى الأطفال، دخل شهر رمضان دون أن يدخل معه بهجته في ظل سياسة قمعية ينتهجها سجان الاحتلال .
تعمدت إدارة سجون الاحتلال عبر عمليات العزل المضاعفة، من خلال تجريد الأسرى من أبسط أدوات التواصل لمعرفة ما يجري في العالم الخارجي ومنها (الراديو، والتلفاز)، وسلبت الأسرى قدرتهم على إدراك الزمن، أو حتّى تاريخ اليوم.
واستنادًا إلى شهادة أحد الأسرى الأشبال، قال:"نحن لم نعرف بداية شهر رمضان، إلّا من الأسرى الجدد الذين وصلوا القسم، ولم نعرف وقت الإفطار والإمساك، لعدم وجود أي ساعة في القسم".
وأردف قائلًا: "ونحن نعتمد على الصوم والإفطار، عندما نلمح من فتحات الشبابيك الصغيرة ضوء الشمس، والأمر نفسه بالنسبة للسحور، ومن خلال تواصلنا بالصوت مع أطفال غزة، فهم ساعتنا في القسم هم من يحسبون وقت الإفطار حيث يقوم أحدهم بالأذان في القسم وحينما نسمعه نفطر".
ونقل طفل أسير آخر تمت زيارته قوله: "سحورنا في رمضان على العتمة" حيث تقوم إدارة السّجون بتوفير الإضاءة لهم لساعات محدودة عند المساء، والساعة العاشرة تُطفئ الأضواء في ، وقال آخر من الأسرى تم سحب كافة الملابس منا ، وعدم السماح بإدخال ملابس جديدة.
لا يملك الأسرى الأطفال سوى الملابس التي يرتدونها، كما صُودرت أحذيتهم، فقد أظهرت الصور المرعبة الحالة الجسدية الهزيلة للأطفال بعد خروجهم من المعتقلات" الإسرائيلية" إثر سياسة التجويع الممنهجة الموجهة لكافة الأسرى ولم تستثن منهم الأطفال، في تحد صارخ لكافة القوانين والمواثيق الدولية التي تكفل احترام الإنسان .
شهدت قضية الأطفال الأسرى تحولات هائلة منذ بدء حرب الإبادة، وتصاعد حملات الاعتقال بحقّهم، سواء في الضّفة التي سُجل فيها ما لا يقل (770) حالة اعتقال بين صفوف الأطفال، إضافة إلى أطفال من غزة لم تتمكن المؤسسات الحقوقية الفلسطينية من معرفة أعدادهم في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري، ويواصل الاحتلال اليوم اعتقال ما لا يقل عن 350 طفلاً يقبعون بشكل أساسي في سجني عوفر، ومجدو إلى جانب المعسكرات التابعة لجيش الاحتلال، ومنها معسكرات استحدثها الاحتلال بعد الحرب على غزة مع تصاعد عمليات الاعتقال التي طالت آلاف المواطنين.
يتعرض الأطفال الفلسطينيون أثناء اعتقالهم واستجوابهم للتعذيب الجسدي مثل الضرب والتقييد المفرط، والتعذيب النفسي من خلال التهديد بالقتل أو الإيذاء لعائلاتهم، وتشير مؤسسة «هيومن رايتس ووتش» إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعتمد أساليب تنتهك المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل، التي تحظر التعذيب والمعاملة القاسية.
كما يُعتقل الأطفال الفلسطينيون، الذين تقل أعمار بعضهم عن 12 عاماً، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية حقوق الطفل التي تؤكد أن الاحتجاز يجب أن يكون «الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة».
وأمام محاكم عسكرية تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة يَمثُل الأطفال الأسرى ، ووفقًا للحركة العالمية للدفاع عن الطفل في فلسطين، اذ تهدف هذه المحاكم إلى إطالة أمد احتجاز الأطفال وترهيبهم.
إضافة إلى أن الأسرى الأطفال يعانون من ظروف اعتقال غير إنسانية تشمل الحبس الانفرادي وسوء التغذية، إلى جانب الإهمال الطبي، مما يؤثر سلباً على صحتهم النفسية والجسدية