اعتقال أبو صفية.. صرخةٌ تُهزّ الضمير العالمي

 تحدى بصموده وإرادته الصلبة أركان كيان بجيشه المدجج بشتى أنواع السلاح والدبابات والطائرات مختلفة الأنواع، كان وفيّا لمهنته النبيلة عندما رفض مغادرة مستشفى كمال عدوان والتخلي عن المرضى حتى الرمق الاخير، رغم تهديدات قوات الاحتلال المتلاحقة له ولعائلته وقتلهم لنجله ابراهيم، وإصابته إلا أنه خرج شامخاً من عرينه في مستشفى كمال عدوان متحدياً جبروت كيان مجرم،  مترجلاً بلباسه الأبيض بصورة المناضل الثائر، مقبلاً نحو مصيره المجهول.  


نبذة تعريفية


حسام أبو صفية هو استشاري طب أطفال فلسطيني، شغل منصب مدير مستشفى الشهيد كمال عدوان في قطاع غزة. يُعد من الشخصيات البارزة في القطاع الصحي، وعمل على قيادة الفرق الطبية لتقديم الخدمات الطبية لسكان غزة.  

وُلد حسام أبو صفية في مخيم جباليا بمدينة غزة لعائلة هُجّرت من بلدة حمامة إثر النكبة عام 1948. نال شهادة البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة.    

قاد أبو صفية  فريقًا طبيًا خلال أسابيع الحرب الأولى، حيث عمل على إنقاذ مئات الجرحى تحت القصف، رغم نفاد الأدوية وانقطاع التيار الكهربائي. زملاؤه في المستشفى وصفوه بـ"الطبيب الذي يخاطر بحياته لإنقاذ الآخرين"، خاصةً بعد أن رفض مغادرة القطاع رغم عروض إخلاء دولية، قائلًا: "مرضى غزة أولى بجهودي".  


حسام أبو صفية... من غرفة العمليات إلى زنزانة مجهولة  


على مدار الأشهر الماضية، وقف أبو صفية صوتا للإنسانية، مناشدا العالم والمجتمع الدولي لإنقاذ المنظومة الصحية التي تنهار تحت وطأة الإبادة، وإمداد مستشفى كمال عدوان بالأدوية والمستلزمات الطبية لإنقاذ الجرحى.

في 27 ديسمبر 2024، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة، واعتقلت مديره الدكتور حسام أبو صفية، في خطوةٍ وصفتها منظمة الصحة العالمية بأنها "كارثية"، بعد أن أصبح المرفق الصحي -آخر المُتاح في شمال القطاع- خاليًا تمامًا من المرضى والكوادر، وفق بيانٍ رسمي للمنظمة.  

وأكدت المنظمة الدولية أن العملية العسكرية الإسرائيلية أجبرت المستشفى على إخلاء 15 مريضًا في حالات حرجة، مع نقل 50 من مُقدمي الرعاية و20 عاملًا صحيًا إلى المستشفى الإندونيسي، الذي يعاني من نقص حاد في المعدات الطبية والأدوية. وأعربت المنظمة عن "صدمتها" لفقدان الاتصال بمدير المستشفى أبو صفية، مشيرةً إلى أن "تحويل المنشآت الصحية إلى ساحات حرب يُنتهك القانون الدولي".  

يأتي اعتقال الدكتور أبو صفية بعد سلسلة من الاعتداءات التي طالت الطواقم الطبية العاملة في مستشفى كمال عدوان، والتي شملت: الاعتقال والإخلاء بالقوة، بل والقتل حرقًا.  

ويُعد هذا التصعيد ضمن  الحملة الممنهجة التي يشنها الاحتلال وتستهدف البنية التحتية الصحية في قطاع غزة، مما يزيد من معاناة السكان المحاصرين ويشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني

حيث دمّرت القوات خلال الإبادة 35 مستشفى وعيادة، وفق إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية.  

ووفق إفادة مُحامي مركز الميزان لحقوق الإنسان الذي زار أبو صفية في سجن "عوفر" فإن الطبيب الفلسطيني (55 عامًا) فقد 15 كيلوغرامًا من وزنه، ويعاني من تضخم في عضلة القلب دون تلقّي أي علاج طبي، رغم مطالباته المتكررة بإدخال طبيب مختص. وأكد المحامي أن أبو صفية تعرّض خلال نقلِه من غزة لـتعذيب ممنهج، شمل إجباره على خلع ملابسه، والجلوس على حصى مدبب لـ5 ساعات، مع استخدام الصعق الكهربائي والضرب على الصدر.  

أمضى أبو صفية 25 يومًا في زنازين سجن "عوفر"، بينها 10 أيام خضع خلالها لتحقيق متواصل، وفق شهادة محاميه، الذي أضاف: "أُغمي عليه داخل الزنزانة أكثر من مرة بسبب الاختناق، لكن إدارة السجن تجاهلت نداءات الاستغاثة". وتُواجه سلطات الاحتلال اتهامات بـانتهاك البروتوكول الثاني لاتفاقية جنيف، الذي يُحظر استهداف الطواقم الطبية أثناء النزاعات.  


مناشدة دولية وطواقم طبية محتجزة في سجون الاحتلال

ناشدت منظمات حقوقية وصحية دولية، المجتمع الدولي للضغط من أجل الإفراج الفوري عن الأسير الدكتور حسام أبو صفية – مدير مستشفى كمال عدوان سابقًا – وعشرات الطواقم الطبية الفلسطينية المحتجزة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وسط تحذيرات من "تصاعد سياسة الانتقام من الكوادر الصحية".

وناشدت عائلته جميع الجهات المعنية بضرورة الضغط من أجل الإفراج عن الدكتور أبو صفية وكافة العاملين في القطاع الصحي الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال، مؤكدين أن حياة المعتقلين مهددة وأنه يجب توفير الرعاية والعناية اللازمة لهم بشكل عاجل.  

ودعت منظمات دولية، بينها الصليب الأحمر وأطباء بلا حدود، إلى تحرك عاجل لوقف "الاعتداءات الممنهجة على الحصانة الطبية"، مشيرةً إلى أن الاحتلال يُحتجز حاليًا 34 طبيبًا وممرضًا من غزة، بينهم نساء، في ظروفٍ وصفتها بـ"اللا إنسانية".

وفي بيانٍ لها، وصفت منظمة الصحة العالمية اعتقال أبو صفية بأنه "ضربةٌ جديدة للنظام الصحي المنهك".  

لا تقتصر معاناة الأسرى الطبيين على أبو صفية، فـتقارير حقوقية تكشف أن المئات من الأسرى المرضى في سجون الاحتلال يُحرمون من العلاج، وسط اكتظاظٍ يفوق طاقة الزنازين، وإهمالٍ متعمدٍ يتحول معه السجن إلى "أداة انتقام". وطالبت الأمم المتحدة إسرائيل بـ"الكف عن استخدام التعذيب كأسلوب عقاب جماعي".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020