بلغت حصيلة حملة الاعتقالات التي نفذها جيش الاحتلال يوم أمس في مخيم الفوار، ما بين حالات اعتقال وعمليات تحقيق ميدانيّ نحو (50) مواطناً، ووفقاً للمتابعة فإنّ الاحتلال نقل نحو (20) منهم خارج المخيم إلى أحد المعسكرات التابعة للجيش، ولاحقاً أُفرج عن عشرة منهم، وأبقى على اعتقال عشرة حتى مساء اليوم، ثم جرى الإفراج عن سبعة منهم بحالة صعبة جدا حيث جرى نقلهم فوراً إلى مستشفى عاليا الحكومي في الخليل، وأبقى على اعتقال ثلاثة مواطنين.
والعملية العسكرية التي نفّذها الاحتلال في مخيم الفوار، ليست العملية الأولى بحقّ المخيم منذ بدء حرب الإبادة، وهي جزء من العشرات من الاقتحامات التي نفّذها الاحتلال، ورافقها حملات اعتقال طالت العشرات، حيث أن هناك عدد كبير من أبناء المخيم المعتقلين كانوا قد تعرضوا للاعتقال المتكرر على مدار السّنوات الماضية، ومنهم جرحى، ومرضى، يعانون من أمراض مزمنة.
وحملة الاعتقالات التي نفّذت في المخيم، رافقها عمليات تنكيل واسعة ومكثفة، وعمليات تخريب واسعة، وعمليات تعذيب بحقّ المعتقلين، وتهديدات وصلت إلى حد القتل، واستناداً لمجموعة من الشهادات والإفادات التي حصلت عليها مؤسسات عاملة في مجال الأسرى، فإن جنود الاحتلال تعمدوا تنفيذ عمليات تخريب داخل المنازل بشكل –غير مسبوق- مقارنة مع عمليات الاقتحام التي جرت بعد الحرب، والعمليات العسكرية التي نفذت في المخيم سابقًا، إضافة إلى عمليات الضرب المبرح الذي طال العشرات من المواطنين وتحديدا ممن جرى اعتقالهم، واستجاوبهم لاحقاً، وقد استخدم جنود الاحتلال بطاقات خاصة وضعت على صدور المعتقلين، كتب عليها اسم المعتقل ورقم هويته، عدا عن عمليات الاحتجاز الجماعي لعائلات بأكملها داخل غرف من غرف المنزل ولساعات دون السماح لهم بالتحرك أو حتى تلبية احتياجاتهم، وتعمد جنود الاحتلال إحداث أكبر ضرر داخل المنازل، حتى وصل بهم الأمر إلى قص أسلاك الكهرباء، وتخريب كامل لبنى المنازل من الداخل.
ومن الإفادات التي حصلت عليها مؤسسات الأسرى من مجموعة من المواطنين الذين تعرضوا للاعتقال والاحتجاز والتحقيق الميداني في المخيم يوم أمس الموافق 18/9/2024.
ووفقًا لإفادة أحد المواطن (أ.ي)، "اقتحمت قوات الاحتلال منزلي فجراً، وأنا أعاني من وضع صحي خاص جرّاء إصابة تعرضتُ لها قبل عدة شهور في بطني، وتعمدوا ضربي رغم أنني أوضحت أنني مريض، وقد جرى نقلي لأحد المنازل التي حولها جنود الاحتلال إلى ثكنة عسكرية، حيث تم تجميع ما يقارب 50 مواطناً، وجميعنا مقيدين من الأيدي، ومعصوبي الأعين، وتم وضع كاميرات تصوير برفقة المحقق، وكل أسير تم جلب معه كيس تم وضع بعض المقتنيات التي حصلوا عليها من منازلنا، وتم وضع نفس البطاقة على الكيس التي وضعت على صدورنا تتضمن اسم المعتقل ورقم هويته، فالكيس الذي جلبوه من منزلي كان يحتوي على أعلام لفلسطين، واعتبروا العلم أنه مواد ممنوعة، حتى جرى الإفراج عني بعد أن فقدت وعي".
أما المعتقل (ف، ر) أفاد: "أن قوة من جيش الاحتلال اقتحمت صباحا منزلي، وقاموا بعمليات تفتيش وتخريب واسعة، أشبه ما يكون بزلزال داخل المنزل، ولم تسلم منهم حتى جدران المنزل، وكانوا يبحثوا عن مقتنيات لتنفيذ الاعتقال، فوجدوا صورة للشهيد ابو عمار قاموا بتكسيرها، و(أفرهول) كنت ارتديه في الشتاء لونه أزرق، وألعاب لأطفالي منها منظار جلبته لأطفالي لاغراض تعليمية، ووضعوا هذه المقتنيات في كيس، بعد أن تم تقييدي بقيود بلاستيكية مشدودة بشكل مؤذي جدا، وتم وضع عصبة على عيني، ثم وضعوا بطاقة على صدري مكتوب عليها اسمي ورقم هويتي، وكذلك تم وضع نفس البطاقة على الكيس، وجرى نقلي إلى ثكنة عسكرية في أحد المنازل داخل المخيم وهناك تواجد محقق، وبرفقته جنود وكاميرات لتصويرنا، وبعد نقلي إلى السيارة العسكرية برفقة معتقلين آخرين بدأ الجنود (بحفلة) من عمليات الضرب والتنكيل واستمر ذلك طول الطريق وكان الضرب يتضاعف لمجرد إبداء أي حركة من أي معتقل، وعند وصولنا إلى المعسكر، قام الجنود بفك القيود البلاستيكية، ووضعوا قيود من نوع آخر مؤلمة جدا ، وطلبوا منا البقاء بوضعية معينة مؤذية ومتعبة جدا، واستمروا بضربنا طوال الوقت، وتعمدوا تشغيل أغاني باللغة العبرية، وتصويرنا بجانب العلم الإسرائيليّ، وأي حركة كانت تصدر عن أي من المعتقلين كنا نتعرض للمزيد من الضرب، وعلى مدار نحو 8 ساعات احتجزت فيها، لم يسمحوا لي بالشرب إلا مرة واحدة، ومرة واحدة سمحوا لنا بقضاء حاجتنا أمامهم، وبعض المعتقلين من شدة التعب وقعوا على الأرض ولم يتمكنوا من البقاء بنفس وضعية الجلوس، وهم مقيدين لمدة تزيد عن 8 ساعات، وجرى الإفراج عنا عند الساعة 11 ليلا في منطقة (مقطوعة)، وأجبرنا على السير لمدة نصف ساعة حتى تمكنا من الوصول إلى منطقة أخرى."
والمعتقل (ه.ي) أفاد: "اقتحم جنود الاحتلال منزل عائلتي فجراً، ونفّذوا عمليات تخريب وتدمير داخل المنزل، وقاموا بالسؤال عني، ثم جرى تقيدي بشده أمام عائلتي، ووضعوا بطاقة على صدري عليها اسمي ورقم هويتي، وأخذوا من المنزل أداة أستخدمها للعب الرياضة، ووضعوها في كيس ووثبتوا عليه نفس البطاقة التي وضعت على صدري، وقاموا بضربي تحديدا على الصدر والرأس، عدا عن الألفاظ البذيئة التي تعمدوا توجيهها لي ولكافة المعتقلين بعد نقلنا إلى أحد المنازل الذي تحول لثكنة عسكرية، ثم جرى نقلنا إلى أحد المعسكرات، وهناك طلبت بشرب الماء بعد ثلاث ساعات، وعند إحضار الماء قام الجندي بتقريبها من فمي ثم أخذها بطريقة مذلة جدا، وحتى قضاء حاجتنا كانت أمامهم في منطقة مفتوحة".
أما المعتقل (ل.س) والذي أفرج عنه بعد يوم على اعتقاله واحتجازه، أكّد أنه تعرض لعمليات تعذيب مروعة، حيث تعمد جنود الاحتلال خلال عملية اعتقاله جلب (شاكوش- مطرقة) من المنزل وقاموا وضعها في فمه، ورفعه بواسطة الشاكوش، كما أفاد إلى جانب عملية تقييده التي استمرت طوال فترة اعتقاله واحتجازه، إلى أنه حرم من الشراب والطعام منذ اعتقاله صباح أمس حتى مساء اليوم.
أما المواطن (ف، ه): "فقد روى تفاصيل عملية التنكيل والتهديد التي تعرضت لها عائلته، واحتجاز 13 فردا من أفراد عائلته لساعات داخل حيز لا يتجاوز المترين في منزله، والذي يضم ثلاث طوابق، حيث تعرضت جميعها للتفتيش والتخريب، واستمر ذلك لساعات، وبحسب روايته فقد انتقل الجنود من منزله إلى منزل شقيقه، حيث تعرض أبناء شقيقه للضرب المبرح، والشديد، وتعمد جنود الاحتلال وضع رؤوسهم في دورة المياه، إلى جانب عملية ضربهم".
وما تعرض له أهالي مخيم الفوار في محافظة الخليل، هو جزء من عمليات عسكرية واسعة نفّذها الاحتلال في الضّفة منذ بدء حرب الإبادة، والتي رافقها عمليات اغتيال وإعدام واعتقال، وعمليات تخريب واسعة للبنى التحتية، تحديدا في جنين ومخيمها وطولكرم ومخيماتها وطوباس ومخيمها، بالإضافة إلى عمليات السرقة التي انتهجها الجنود داخل المنازل.
ويبلغ عدد حالات الاعتقال في الضّفة منذ بدء حرب الإبادة إلى أكثر من عشرة آلاف و800 حالة اعتقال، شملت الفئات كافة، بما فيهم الأطفال والنساء، وتركزت عمليات الاعتقال بحقّ الأسرى السابقين وعائلاتهم، إلى جانب عائلات أسرى ما زالوا رهن الاعتقال في سجون الاحتلال، وعائلات الشهداء، بالإضافة إلى استخدام المواطنين دروعا بشرية ورهائن.
وجددت مؤسسات الأسرى مطالبتها للمؤسسات الحقوقية الدولية بضرورة استعادة دورها اللازم وجوهر عملها وسبب وجودها للحفاظ على ما تبقى لها من دور أمام حرب الإبادة المستمرة بحقّ شعبنا في غزة، وإنهاء حالة العجز التي تأخذ معنىً أكثر خطورة مع مرور المزيد من الوقت، كما وطالبت بأخذ دور أكثر فاعلية وجدية أمام الجرائم التي تصاعدت بشكل مكثف بعد تاريخ السابع من أكتوبر بحقّ الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال ومعسكراته، وتقديم قادة الاحتلال إلى المحاكم الدولية لمحاسبتهم على جرائم الحرب التي يواصلون تنفيذها بدعم من قوى دولية.