إعلام الأسرى

تتساقط حبات المطر منعشةً الأرض والنبات والبشر بعد صيف حار، ولكنها في الوقت ذاته تنذر بفصل ثقيل على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، بسبب استغلاله لمضاعفة معاناتهم وتضييق الحياة اليومية عليهم.

تبدأ البرودة بالتسلل إلى الأسرى الذين يقبعون تحت رحمة سجان ظالم، فمزاجه العنصري يمنعهم من الحصول على وسائل التدفئة أو حتى الأغطية الكافية، ويقفون وحيدين يتجرعون هذا البرد القارس خاصة في السجون التي تمتاز ببرودتها مثل سجن "عوفر" غرب رام الله وسجون صحراء النقب التي تفرض طبيعتها بالبرد القارس خلال ساعات الليل.

هذه المعاناة تتفاقم لدى الأسرى كبار السن وأولئك المرضى الذين تثقل أجسادهم بالأوجاع سواء بسبب الأمراض أو الإصابات، وهؤلاء يقتلهم الشتاء ببرده بسبب بقاء شظايا أو رصاصات تضاعف حدة البرد وتتسبب بألم شديد.

الناشط والأسير المحرر عبد الله شتات يقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن فصل الشتاء وفصل الصيف كلاهما قاسيان على الأسرى، وذلك لأن السجان يستغل حتى الظروف المناخية من أجل التضييق عليهم وزيادة معاناتهم.

ويوضح أنه خلال فصل الشتاء يمنع الاحتلال إدخال الملابس الدافئة للأسرى مثل الجاكيت والبناطيل والقمصان الشتوية، فيضطرون لصنعها بأنفسهم من ملابس قديمة وجوارب مهترئة.

هذا الحال الذي يصفه يكاد يصل إلى درجة عدم التصديق، ولكنه بالفعل واقع يعيشه الأسرى الذين يحاولون تسخير كل ما لديهم ولو كان أقل القليل.

ويشير إلى أن وسائل التدفئة معدومة لدى الأسرى، بالإضافة إلى أن نوافذ الأقسام تكون مفتوحة فيحاولون إغلاقها بسحادات صلاة علها توقف شيئا من البرد، ولكن حتى هنا يقف لهم السجان ويجبرهم على إزالتها.

أما الأسرى الذين ينتظرون المحاكم أو يتم نقلهم من قسم لآخر فيضطرون للجلوس على مقاعد حديدية تتحول في الشتاء إلى قوالب من ثلج لشدة برودتها، ما يؤدي لحدوث أمراض في العظام والمفاصل لدى الكثير من الأسرى خاصة المرضى وكبار السن.

ويضيف:" حين يخرج الأسير للزيارة أو لحضور جلسة محاكمة يمنعه السجانون من ارتداء ملابس دافئة أو من ارتداء بنطالين، فقط يتم إلزامه بارتداء ملابس إدارة السجون الصهيونية وهو خفيف رقيق لا يحمي من البرد، فيجلس الأسير على تلك المقاعد وحيداً يشعر بالبرد ولا يحميه شيء منه".

زمهرير

رحلة "البوسطة" وهي الحافلة التي تنقل الأسرى من سجن لآخر أو للمحاكم، توصف بالزمهرير بين صفوف الأسرى الذين يجلسون فيها مكبلين بالقيود الحديدية على مقاعد حديدية، وهي ألم فوق ألم تضر بصحة الأسير وترهقه وتحول أيام التنقل فيها إلى مريرة صعبة.

يقول الأسرى لأهاليهم خلال الزيارات إن درجة الحرارة في الشتاء داخل البوسطة الحديدية تصل الصفر أحيانا دون أي نوع من التدفئة ما يشكل كارثة حقيقية على الأسرى داخلها.

في فصل الشتاء يمضي الأسير أسابيع أو حتى أشهر ليتخلص من أثر البوسطة عليه صحيا ونفسياً، أما حين يصابون بأمراض الشتاء مثل الزكام والانفلونزا وآلام المفاصل، وما ينتج عن هذه المعاملة السيئة فإن عيادات السجن لا تقدم لهم سوى المسكنات فقط ولا دواء آخر.

أما ساحات السجون والأقسام فتمتلئ بمياه الأمطار دون إمكانية رؤية المشهد الجميل لتساقطها من السماء بسبب الشبك الحديدي الذي يسقف غرف السجون ويحولها إلى أقفاص تفتقر لكل ظروف الحياة الإنسانية.