وجهه مألوف لدى الكثيرين، كانوا يواكبون سنوات اعتقاله لدى الاحتلال ويقدّرون هذا النفس الثوري رغم الألم والإصابة وطول الأعوام في الأسر.
الأسير علاء الدين البازيان أحد أبناء البلدة القديمة من القدس المحتلة، ولد فيها عام 1958 ونشأ في أزقتها الجميلة طفلاً مقدسيا يحب وطنه وقدسه ويكره الاحتلال والاستيطان الذي بدأ ينهش مدينته.
ولأنه ابن القدس كبر على رفض الظلم والقهر، فقرر أن يكون مقاوما للاحتلال مهما كان الثمن، حيث انضم لمجموعات الفدائيين الأوائل عام 1977 ونفذ معها عدة عمليات فدائية ليفهم الاحتلال أن لا مكان له في القدس بل في كل فلسطين.
بعد عامين من انخراطه مع الفدائيين كان علاء يعد لزرع عبوة ناسفة برفقة صديقه كمال النابلسي في حي جبل المكبر بالقدس، ولكن خللا فيها أدى لانفجارها قبل الموعد واستشهاد صديقه وإصابة علاء بجروح أدت لفقدان بصره.
هذا الحدث كان الخيط الأولي لاعتقال علاء، حيث داهم جنود الاحتلال مكان انفجار العبوة ووجدوا علاء وكمال ملقيين على الأرض، وبعد الفحص تبين أن كمال شهيد وعلاء مصاب، فتم اعتقاله ونقله إلى أحد المستشفيات، وهناك بدأ التحقيق القاسي معه رغم إصابته البالغة.
تم الحكم حينها على الأسير بالسجن لمدة خمس سنوات ثم تقدمت عائلته بطلب استئناف على الحكم ثم تم تخفيض الحكم لعامين.
معاناة مع الإصابة
تقول عائلة الأسير إن العامين اللذين أمضاهما علاء في السجن وقتها كانا صعبين للغاية في ظل إصابته ووجود شظايا في عينيه، خاصة مع استمرار الإهمال الطبي بحقه.
بعد الإفراج عنه تلقى الأسير العلاج في الأردن ولبنان لإزالة شظايا العبوة من عينه، ورفض البقاء خارجا لاستكمال علاجه وطلب العودة لفلسطين ليستكمل مقاومة الاحتلال رغم إصابته.
وتوضح بأنه اعتقل مرة أخرى عام 1981 بعد اعتقال معظم أفراد الخلية التي عمل معها، وخلال التحقيق معهم استشهد صديقه خليل صندوقة تحت التعذيب، وتم الحكم هذه المرة على البازيان بالسجن لمدة 20 عاماً، على الرغم من عدم اعترافه بأي من التهم الموجهة له.
قضى الأسير أربع سنوات في سجون الاحتلال، وفي عام 1985 تم الإفراج عنه مع 1150 أسيراً فلسطينياً في صفقة تبادل أسرى بين الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، التي كانت تحتجز 4 جنود صهاينة، تم أسرهم خلال حرب عام 1982 في جنوب لبنان.
بعد عام واحد من تحرره نفذ البازيان عملية فدائية مع مجموعة من أصدقائه، حيث قتلوا مستوطنة صهيونية كانت تدير مكتبا لتسهيل العمالة مع الاحتلال، بعدها اعتقل البازيان في العام ذاته، وحكم عليه بالسجن المؤبد.
في تشرين الأول من عام 2011 ذاق البازيان طعم الحرية مجددا في صفقة وفاء الأحرار التي أبرمتها فصائل المقاومة في قطاع غزة مقابل الإفراج عن الجندي الصهيوني "جلعاد شاليط".
وتقول العائلة إنه بعد تحرره إلى القدس عقب غياب طويل عنها، تمكن من الزواج وكان ما زال يعاني من آثار إصابته وفقدان البصر نهائيا.
في 18 حزيران/يونيو 2014، قام مقاومان قساميان في الخليل بخطف وقتل ثلاثة مستوطنين، فرد الاحتلال باعتقال 55 أسيرا محررا في صفقة وفاء الأحرار، كان علاء من بينهم، وتم إعادة الحكم المؤبد عليه.
وترى العائلة أن نموذج علاء فريد من نوعه، فرغم إصابته لم يتوان عن مقاومة الاحتلال ولم يترك عهده مع وطنه يوما، وبقي صامدا طيلة سنوات اعتقاله.
أما حالته الصحية ففي تدهور مع مرور السنوات، حيث يبلغ من العمر 65 عاما وكان خضع لاستئصال جزء من كبده بسبب الإصابة التي أصابت قدمه كذلك، في حين يعاني من ارتفاع ضغط الدم، كما أن إحدى الشظايا ما زالت عالقة قرب المخ وتحتاج لعملية لإزالتها.
استغل الأسير سنوات سجنه في التعلم رغم فقدان بصره، حيث قرأ مئات الكتب بمساعدة الأسرى ولديه ثقافة عالية وذاكرة مميزة، كما أنه يعتبر بنك معلومات وثقافة بين المعتقلين.
وحول وضعه القانوني ما زالت محكمة الاحتلال ترفض الإفراج عنه، رغم تقدم محاميه بعدة طلبات استئناف على إعادة الحكم المؤبد بحقه، ويعتبر الاحتلال أن قضية أسرى القدس سياسية ويرفض بشكل قاطع الإفراج عنهم رغم تعهده بعدم إعادة اعتقال محرري الصفقة.