حين يذكر اسم جامعة بيرزيت يرتبط الذهن فورا بصورة مقاومة وحدوية مشرّفة بما تحويه من تفاصيل شهداء وأسرى وجرحى، وتتبادر كذلك صور نضال المرأة الفلسطينية التي ترسم سجلا واضحا لأجيال القادمة.
وفي جامعة بيرزيت تشتد هجمة الاحتلال وتزداد قسوة كلما أثبت طلبتها قدرتهم على صقل الوعي الثوري في أروقتها والذي يبقى يلازمهم لسنوات طويلة حتى بعد تخرجهم.
هذه الجامعة تعتبر واحدة من أكبر الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، ويتعرض طلابها وأعضاء هيئتها الأكاديمية بشكل مستمر لعمليات استنزاف وحملة شرسة يشنها الاحتلال بالاعتقالات المتكررة بحقهم، والتي أجلت تخرج العشرات منهم لسنوات وصلت إلى 8 وأكثر لعدم تمكنهم من إكمال الدراسة بسبب غيابهم عن قاعات الدراسة في السجون.
الاحتلال اعتقل خلال العام 2021 ما يزيد عن 110 طالباً من طلاب الجامعة، وفى عام 2022 اعتقلت ما يزيد عن 130 من طلاب الجامعة لفترات مختلفة، وخلال العام الجاري اعتقلت قوات الاحتلال ما يقارب من 60 طالباً وطالبة غالبيتهم من طلبة الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس والقطب الطلابي الذراع الطلابي للجبهة الشعبية بعد مداهمة سكناتهم الجامعية أو منازل ذويهم، وحولت العديد منهم إلى التحقيق وأصدرت بحقهم لوائح اتهام، بينما آخرون صدرت بحقهم قرارات اعتقال إداري دون تهمة.
في ساعات فجر الأربعاء الماضي 7/6/2023 أعاد الاحتلال اعتقال الطالبة في كلية الدراسات العليا في جامعة بيرزيت الأسيرة المحررة ليان كايد من بلدة سبسطية شمال نابلس، حيث تمت مداهمة سكنها في حي بطن الهوى وسط مدينة رام الله ومصادرة أجهزتها الشخصية وتحطيم محتويات المنزل بالكامل بحجة التفتيش بعد أن اعتدت بالضرب على شقيقها الذي يقيم معها بعد أن حاول السؤال عن سبب اعتقالها، وبعد ذلك نقلها جنود الاحتلال إلى مكان مجهول عبر آلياتهم العسكرية.
المحررة ليان تخرجت قبل عامين من جامعة بيرزيت وحصلت على بكالوريوس علم الاجتماع، وحرمت بسبب الاعتقال من المشاركة مع زميلاتها في حفل تخرجها من الجامعة، وبعد التحرر أكملت مشوارها العلمي بالتسجيل فى برنامج الماجستير بنفس الجامعة وهي إحدى الطالبات الناشطات في العمل الطلابي.
الاعتقال الأول لليان كان بتاريخ 8/6/2020 أثناء مرورها عن حاجز زعترة العسكري جنوب نابلس، حيث أوقف جنود الاحتلال مركبة والدتها التي كانت تقلها، وبعد أن طلبوا هويتها أنزلوها من السيارة وقاموا بتفتيشها ميدانياً، ثم قاموا بتقييد يديها للأمام وساقيها بقيود حديدية ونقلها إلى معسكر للجيش، ثم إلى سجن هشارون للتحقيق.
في حينه وجهت مخابرات الاحتلال للطالبة لائحة اتهام تتضمن بنودا تتعلق بعملها الطلابي والنقابي داخل الجامعة، وحملتها مسؤولية العضوية في تنظيم "محظور" وقيامها بنشاطات اجتماعية وثقافية، بالإضافة إلى اتهامها بإلقاء الحجارة، وتعرضت في سجن هشارون لظروف تحقيق قاسية، وجرى استجوابها في هشارون وعوفر وهي مقيّدة، وتركز التحقيق معها حول العمل الطلابي والنقابي في الجامعة والذي يعتبره الاحتلال تهمة ويصفه بالعمل الخطير على الأمن، وبعد انتهاء التحقيق معها نقلت إلى سجن الدامون.
بعد تأجيل محاكمتها عدة مرات أصدرت محكمة سالم العسكرية الصهيونية بحقها حكماً بالسجن الفعلي لمدة 16 شهراً، إضافة إلى وقف تنفيذ لمدة خمس سنوات، وغرامة مالية بقيمة 6000 شيقل، وأنهت محكوميتها وتحررت في مارس من العام 2021.
ليان كايد ليست الطالبة الوحيدة في جامعة بيرزيت التي يعيد الاحتلال اعتقالها، حيث أن غالبية طلبة الجامعة الذين تم اعتقالهم والإفراج عنهم بعد فترات من الاعتقال، يعيد الاحتلال اعتقالهم مرة أخرى وخاصه تحت الاعتقال الإداري دون تهمة ويجدد لهم لفترات متعددة.
سلطات الاحتلال كانت نفذت في شهر مايو من العام الماضي حملة اعتقالات واسعة بين صفوف طلبة الكتلة الإسلامية في الجامعة بعد أن داهمت منطقة شرق رام الله واعتقلت ثمانية منهم دفعة واحدة، بينهم منسق الكتلة الإسلامية معتصم زلوم، كما حولت الطالب إصرار حاتم معروف من قرية عين قينيا شمال رام الله للاعتقال الإداري.
وفي سبتمبر 2022 شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات ضد طلبة جامعة بيرزيت طالت 23 طالبا من الجامعة بعد مداهمة قوة خاصة منطقة عين الزرقا قرب قرية عابود شمال غرب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وشرعت باحتجاز الطلاب خلال تخييمهم في المكان، بينهم منسق القطب الطلابي في الجامعة معاذ بطمة وتم تحويله كذلك إلى الاعتقال الإداري، واعتقلت رئيس مؤتمر حركة الشبيبة الطلابية في الجامعة الذراع الطلابي لحركة فتح محمد أحمد ناجي داود من رام الله وحولته للاعتقال الإداري وجددته له عدة مرات.
ولم تسلم ايضاً طالبات الجامعة من الاعتقال حيث كانت اعتقلت الطالبة في كلية تكنولوجيا المعلومات شذى زياد الطويل من مدينة البيرة، وأمضت 14 شهرًا في الاعتقال بتهمة النشاط الطلابي المعادي في الجامعة.
وعمد الاحتلال منذ عشرات السنوات لاستهداف طلاب الجامعات بشتى الطرق والأساليب، أبرزها عمليات الاعتقال المستمرة، حيث أنهم يمثلون روح المقاومة لدى الشعب الفلسطيني عبر الحركة الطلابية التي تعتبر البوصلة للنضال الفلسطيني وقيادة الانتفاضات.