على سرير مستشفى "سوروكا" الصهيوني يرقد الأسير محمد مهرة متألماً معانياً من المرض والقيد، شدّ السجان يده وساقه وقيدهما بالسرير وأبقاه حبيس الوجع الممتد.
هذه الحالة من القهر المزدوج يعيشها مئات الأسرى الفلسطينيين تحت مقصلة الإهمال الطبي المتعمد، فتهاجمهم الأمراض والآلام ولا مستجيب لاستغاثتهم، حتى يرتحل بعضهم عن الحياة وهم يشكون أوجاعهم.
الأسير محمد العبد موسى مهرة (٣٨ عاما) تُرك فريسة المرض خلال سنوات سجنه، أما العلاج فالمسكنات فقط دون القيام بتشخيص سليم لحالته ومعاناته المستمرة مع الأمراض.
في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام ٢٠٠٩ اعتقل مهرة أثناء تواجده شرق غزة بجوار الحدود فأطلق الاحتلال عليه النار وأطلقوا الكلاب البوليسية لتهاجمه وتمزق جسده، ثم تم اعتقاله ونقله لجهة مجهولة، وتعرض لتحقيق قاس استمر لأكثر من شهر وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة ٣٦ عاما تم تخفيضها إلى ٢٦ عاما، وبقي موقوفا بدون محاكمة لثلاث سنوات.
ينحدر الأسير من جباليا البلد في قطاع غزة وهو متزوج ولديه من الأبناء ولدان وبنت، ويتهمه الاحتلال بالنشاط في كتائب شهداء الأقصى والمشاركة في وضع عبوات ناسفة ضد الجنود، وإطلاق صواريخ على المستوطنات، وكذلك نقل معلومات حول مواقع الجيش ما ساهم بمساعدة مجموعة من الفلسطينيين بتنفيذ هجوم في العام 2004 على موقع للجيش الصهيوني بالقرب من بيت حانون شمال قطاع غزة، حيث قُتل في هذا الهجوم الجندي "جلعاد فيشر".
وضمن مسلسل الإجرام المستمر من إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى حرمان الأسير من زيارة عائلته لأكثر من ثلاث سنوات متواصلة بحجة المنع الأمني.
يعاني الأسير آلاما حادة جراء إصابة قديمة بالشظايا قبل اعتقاله، حيث أن آلامها لا تفارقه خاصة تلك القريبة من منطقة الرأس، ويقدّر الأطباء أنها قد تفقده حياته أو تؤدي لفقدانه بصره مع مرر الوقت بفعل تجمع كتل دموية مجمدة بسبب سياسة الإهمال الطبي المتعمد.
مؤخرا قام الاحتلال بنقله إلى مستشفى "سوروكا" في النقب المحتل بسبب خطورة وضعه الصحي، وكما جرت العادة لا يقوم الاحتلال بنقل الأسرى إلى المستشفيات إلا بعد وصول حالتهم للرمق الأخير إمعانا في ظلمهم وقهرهم.
هذا الحال المستمر على الأسرى الفلسطينيين يتواصل دون رادع ولا مراقب، حيث تتلاعب إدارة السجون الصهيونية بأرواحهم وتتركهم عرضة للأمراض ثم تحرمهم العلاج وتتركهم فريسة نهش المرض والقيد معاً.