أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن سياسة الإهمال الطبي تحصد أرواح الأسرى وهي سبب مباشر في استشهاد (76) أسيرا فلسطينياً في سجون الاحتلال منذ عام1967، وما يزال الباب مفتوحاً لارتقاء مزيد من الشهداء بين الأسرى.
وقال المركز في تقرير له بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد الأسير سامي عاهد أبو دياك (37 عاما) من بلدة سيلة الظهر جنوب جنين، والذي ارتقى في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2019؛ إن الجريمة ما تزال مستمرة والخطر يحدق بمئات الأسرى المرضى الذين يتعرضون للموت البطيء في سجون الاحتلال؛ وإن ارتفاع قائمة شهداء الحركة الأسيرة التي وصلت إلى 231 شهيداً، وارد في كل لحظة.
وكشف مدير المركز الباحث رياض الأشقر أن الأسير الشهيد أبو دياك تعرض لعملية إعدام بطيء نتيجة الإهمال الطبي الذي تعرض له خلال فترة اعتقاله، وعدم تلقي أي رعاية طبية حقيقة، ورفض الاحتلال إطلاق سراحه بشكل استثنائي إلى أن ارتقى شهيداً بعد 17 عاماً قضاها في سجون الاحتلال.
وأشار إلى أن أبو دياك اعتقل فى يوليو 2002، وأصدرت محاكم الاحتلال بحقه حكماً بالسجن المؤبد ثلاث مرات، وحين اعتقاله لم يكن يعاني من أي أمراض، وفي عام 2015 تعرض لخطأ طبي عقب خضوعه لعملية جراحية في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، حيث تم استئصال جزء من أمعائه، ومنذ ذلك الوقت تراجعت صحته إلى حد كبير حيث أصيب بتسمم في جسده وفشل كلوي ورئوي، وتبين لاحقاً إصابته بمرض السرطان الذي انتشر في جميع أنحاء جسده، إلى أن ارتقى شهيداً عام 2019.
وحذر بأن قافلة شهداء الحركة الأسيرة لن تتوقف، فهناك أكثر من 700 أسير يعانون من أمراض مختلفة، بينهم حوالي 130 أسيرا مصابون بأمراض خطيرة كالسرطان والقلب والفشل الكلوي والسكري والضغط، وهناك حالات عديدة مصابة بأمراض عصبية ونفسية وعدد من الجرحى والمصابين بالشلل والمبتورة أطرافهم، وهؤلاء جميعاً لا يتلقون الرعاية الصحية المناسبة، إضافة الى استمرار الاحتلال في استخدام وسائل التعذيب العنيفة المحرمة دولياً والتي تفضي إلى الموت.
وبين أن المشاكل الصحية لدى الأسرى تكون بسيطة في بدايتها، ويمكن علاجها والسيطرة عليها لو توفرت الرعاية الطبية الحقيقية بشكل عاجل، ولكن الاحتلال يتعمد إهمال علاجها لفترات طويلة تصل لسنوات مما يؤدى إلى تفاقم أوضاعهم الصحية ووصولها إلى أوضاع صعبة، وتتحول مع طول الوقت لأمراض مزمنة وخطيرة يصعب علاجها.
وأكد الأشقر أن الاحتلال يتعمد ترك الأسرى فريسة للأمراض وذلك بعدم إجراء فحوصات جدية للمرضى منهم، وغالبا ما تتم معاينتهم بالنظر فقط، وأحيانا وصف العلاج والمداواة بالحديث معهم من خلف الأبواب المؤصدة، إضافة إلى تأخير إجراء العمليات الجراحية للأسرى المرضى، أو إجراء تحاليل طبية وصور أشعة لعدة سنوات مما يفاقم حالتهم الصحية، وينعدم الأمل في شفائهم ويقربهم إلى الموت .
ولفت إلى أن طبيب السجن غالباً ما يكون طبيبا عاما وفي بعض الأحيان ممرضا، ولا يقدم سوى المسكنات للأسرى، والتي تتمثل غالباً في(حبة الأكامول) وأنه لا يوجد في السجون أطباء متخصصون، كذلك عدم وجود أطباء مناوبين ليلًا لعلاج الحالات الطارئة، كما يتم نقل الأسرى المرضى لتلقي العلاج في المستشفيات وهم مكبلو الأيدي والأرجل في سيارات البوسطة السيئة بدلًا من نقلهم في سيارات إسعاف.
ودعا الأشقر إلى أن تكون ذكرى استشهاد الأسرى داخل السجون دافعاً قويا لتسليط الضوء على هذا الملف الهام من جديد والذي يعرض حياة العشرات من الأسرى للخطر الشديد والموت في أي لحظة، وفى مقدمتهم الأسير ناصر أبو حميد الذي يقترب من الموت بشدة في ظل معاناته من مرض السرطان، وما يزال الاحتلال يرفض إطلاق سراحه ليعيش أيامه الأخيرة بين ذويه.
وناشد كافة المؤسسات الطبية الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية بالخروج عن صمتها وإدانة الاحتلال تجاه ما يتعرض له الأسرى المرضى من جرائم واضحة تهدف لقتلهم بعدم تقديم العلاج المناسب لهم والاستهتار بحياتهم، مطالبا بالعمل الجاد من أجل إطلاق سراحهم في أقرب وقت قبل فوات الأوان.