رغم إعادة اعتقاله وإعادة حكمه السابق بعد تحرره في صفقة وفاء الأحرار، إلا أن الأسير المقدسي سامر العيساوي يأبى إلا أن يكون جزءا من معركة استعادة جثامين الشهداء المحتجزة في ثلاجات الاحتلال.
وربما هو الوجع المشترك ما بين الأسر والاستشهاد، أو ربما هي صرخة أمهات الشهداء المسروقة جثامينهم دوت في مسمعه، أو ربما هو القهر الممنهج الذي يعيشه الأسير فيشعر في بردٍ قارس يلف الجثامين، أو ربما فقط هو الهم الفلسطيني الواحد مهما كان شكله!
كثيرون حاولوا فهم المعادلة وتوصلوا إلى النتيجة الأخيرة، أن الأسير سامر العيساوي يخوض إضرابه عن الطعام منذ أكثر من ثلاثة أسابيع رفضا لسياسة احتجاز الجثامين في الثلاجات وقبلها مئات الجثامين في مقابر الأرقام لأن الهم الفلسطيني واحد أينما وجد هذا الشعب.
الكل يذكر الملحمة التي خاضها العيساوي قبل سنوات حين انتزع حريته بعد إضراب عن الطعام استمر قرابة تسعة أشهر مطالبا بها، لم يكل ولم يمل، لم يُقهر بل قهر سجانه، لم تكن حكايته باهتة بل سابق الزمن في كتابتها، ووصلت أنفاسه إلى حد الانقطاع في معركته التي أشهر فيها أمعاءه رفضا للظلم ومناشدة للحرية.
وتقول والدته الصابرة إن الاحتلال يمنع وصول أي خبر عن نجلها الأسير، حيث يعزله في زنازين سجن "ريمون" ويمنع عائلته من معرفة أي شيء عنه، مبينة أن المحامين يمنعون كذلك من زيارته.
وتوضح أنها قلقة على وضعه الصحي، خاصة وأن جسده خاض إضرابا طويلا سابقاً ولا يحتمل إضرابا مماثلا، مطالبة بإرسال فريق طبي للاطلاع على وضعه الصحي.
وتضيف:" بيتنا يفتقد لسامر منذ إعادة اعتقاله وإعادة الحكم عليه بالسجن 30 عاما، وجميع أبنائي في مرحلة ما كانوا داخل الأسر حتى ابنتي المحامية شيرين، وكان المنزل مليئا بالصور فقط لم أر إلا الصور، والآن تحرروا وبقي سامر ومدحت اللذين نتألم لمعاناتهما مع بقية الأسرى".
دفعة معنوية
إضراب الأسير سامر العيساوي لم يكن فقط للمطالبة باسترداد جثامين الشهداء، بل دق ناقوس خطر للتعريف بهذه القضية المظلومة في الإعلام الدولي والتي لا يلتفت لها العالم بل ربما لا يعرف شيئا عن تداعياتها.
وتقول منسقة حملة "بدنا ولادنا" لاستعادة جثامين الشهداء فاطمة منصور لـ مكتب إعلام الأسرى إن إضراب الأسير العيساوي جاء في مرحلة ازدادت فيها أعداد الشهداء الذين يحتجز الاحتلال جثامينهم، فكان بمثابة دفعة معنوية لأهاليهم الذين طرقوا كل باب للتعريف بما يمرون به.
وتوضح بأن الاحتلال صعّد مؤخرا من استخدام هذه السياسة في إطار العقاب الذي يفرضه على أهالي الشهداء واستخدام سياسة العقاب الجماعي على الفلسطينيين، حيث يتم تحديث قائمة الشهداء المحتجزين بشكل شبه يومي حتى وصلت إلى 118 شهيداً.
وتبين بأن القائمة تضم أطفالا ونساء وشيوخا وشبانا من كل محافظات الضفة وقطاع غزة والقدس والداخل المحتل عام 1948، ما يؤكد أن هذه السياسة ممنهجة لدى الاحتلال ومفروضة على الكل الفلسطيني في إطار استخدام جثامين الشهداء كورقة ضغط سواء على الأهالي أو على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وتؤكد أن الأسير سامر العيساوي بأمعائه الخاوية كشف الكثير من جوانب هذه السياسة الخبيثة، حيث سلط الضوء عليها في الوقت الذي عجزت فيه المستويات الرسمية عن لفت نظر العالم إلى معاناة أهالي الشهداء.
وتتابع:" الأسير العيساوي رغم قيده ورغم ما يمر به من ظلم في سجون الاحتلال إلا أنه يقيم الحجة علينا جميعا ويسطر ملحمة جديدة بأمعائه الخاوية، فمتى يستفيق العالم ومتى يرون معاناتنا نحن أهالي الشهداء، ومتى ينصفوننا وينصفون سامر الذي يذوق القهر قهرين الآن؟!".