صعدت سلطات الاحتلال بشكل خطير جداً منذ بداية العام الجاري من الاعتقالات بحق المقدسيين، والتي تأتى ضمن الاستهداف المباشر للوجود الفلسطيني والمكانة التاريخية والدينية للمدينة المقدسة، حيث رصد مركز فلسطين لدراسات الأسرى (1340) حالة اعتقال منذ بداية العام 2022، طالت كافة فئات المجتمع المقدسي.
وأكد مركز فلسطين أن الاحتلال يستخدم سياسة الاعتقالات المكثفة في القدس كعقاب جماعي لاستنزاف المقدسيين وردعهم عن الدفاع عن المدينة المقدسة، والتصدي للاقتحامات المتصاعدة للمسجد الأقصى.
وقال الباحث رياض الأشقر مدير المركز إن الاعتقالات المستمرة والمتصاعدة في القدس سياسة ممنهجة ومقصودة لاستنزاف المقدسيين وخلق واقع معيشي واقتصادي وأمني قاسى، يستهدف كل مناحي حياتهم، بحيث تصبح مهددة وغير مستقرة، لدفعهم الى ترك منازلهم ومقدساتهم طواعية للاحتلال والهرب لإيجاد حياة أمنة وكريمة بعيداً عن منغصات الاحتلال واستهدافه المستمر لهم.
ومن بين المعتقلين خلال الشهور الماضية الشاب المقدسي "على سمرين " وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة اعتقل في منطقة باب العامود، كذلك طفل مقدسي يعاني من أمراض في القلب والعمود الفقري بعد الاعتداء عليه بالضرب.
كما جددت مخابرات الاحتلال قرار منع دخول الضفة الغربية لمحافظ القدس عدنان غيث حتى نهاية شهر تموز المقبل، وذلك بعد اعتقاله لساعات والتحقيق معه، وجددت قرار منع خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري من التواصل مع بعض الشخصيات وعلى رأسها شيخ الأقصى رائد صلاح ونائبه كمال الخطيب.
تكثيف الاعتقالات
وكشف الأشقر مدير المركز أن كثافة الاعتقالات من القدس تركزت في شهر نيسان حيث وصلت حالات الاعتقال خلاله الى ما يزيد عن 750 حالة اعتقال، بينهم 450 تم اعتقالهم بعد حصارهم داخل المصلى القبلي بالمسجد الأقصى في الجمعة الأولى من رمضان ونقلتهم في حافلات خاصة إلى مراكز التوقيف والتحقيق في القدس، حيث تم إطلاق سراحهم جميعاً بعد ساعات أو أيام مقابل الإبعاد عن المسجد الأقصى لفترات مختلفة، وبعد الإفراج عن المعتقلين تبين إصابة العشرات منهم بجروح ورضوض مختلفة، نتيجة الاعتداء عليهم بالضرب والرصاص المطاطي ولم تقدم لها سلطات الاحتلال أي علاج خلال فترة الاعتقال.
وبين الأشقر أن الاحتلال ونتيجة الاستهداف المكثف للمقدسيين قام باستحداث مراكز احتجاز أولية متنقلة وخاصة في منطقة باب العامود يحتجز المعتقل في “المركز المتنقل” لأكثر من ساعة، يتعرض خلالها للضرب وهو مقيد الأيدي والأقدام، قبل أن يتم نقله إلى مركز التحقيق، وكذلك تشكيل "وحدة خاصة" في مركز شرطة المسكوبية لاستقبال المعتقلين من شوارع القدس والتحقيق معهم.
اعتقال النساء والأطفال
وأشار الأشقر إلى أن الاعتقالات في صفوف المقدسيين طالت 182 طفلاً قاصراً بينهم 8 أطفال دون ال 12 من أعمارهم أصغرهم الطفلين محمد سنقرط (9 أعوام) والطفل داوود حجازي (11عاماً) من قرية العيساوية شمال شرق القدس المحتلة، وأجبرت غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم على دفع غرامات مالية مقابل الإفراج عنهم.
كذلك طالت الاعتقالات 31 سيدة تم الإفراج عن معظمهن بعد التحقيق لساعات، فيما اعتقلت السيدة "عزيزة مشاهرة" والدة الأسيرين المقدسيين "فهمي ورمضان مشاهرة" أثناء زيارتهم في سجن شطة، واعتقلت المرابطتين "خديجة خويص" و"هنادي الحلواني" خلال تواجدهم في المسجد الأقصى، والسيدة "فداء الهدرة" من البلدة القديمة بالقدس أثناء مغادرتها للأقصى كما استدعت مخابرات الاحتلال زوجة الاسير إياد الياس ربيع من بلدة بيت عنان شمال غرب القدس للتحقيق في معسكر عوفر، كما طالت الاعتقالات فتاة كفيفة من منطقة باب العامود.
الأبعاد والحبس المنزلي
واوضح الأشقر أن الاحتلال لا يكتفي بأوامر الاعتقال للمقدسيين إنما يستهدفهم بعد إطلاق سراحهم بقرارات الحبس المنزليّ، وكذلك فرض عقوبة الإبعاد عن الأقصى وعن المنازل، والغرامات المالية الباهظة وقد صعد الاحتلال بشكل كبير من إصدار أوامر الإبعاد خلال العام الجاري.
وقد رصد تقرير المركز اصدار الاحتلال (670) قرار إبعاد عن المسجد الأقصى والشوارع والبلدات المحيطة به والقدس القديمة منذ بداية العام الحالي، كذلك أصدرت ما يزيد عن (63) قرار حبس منزلي بحق مقدسيين بين أيام وعدة أسابيع غالبيتهم من الأطفال، وأصدرت محاكم الاحتلال 32 قرار اعتقال إداري بحق مقدسيين معظمهم أسري محررين أعيد اعتقالهم مرة أخرى، بينهم النائب المقدسي المبعد عن المدينة أحمد عطّون والذي أعيد اعتقاله وتم تحويله للاعتقال الإداري.
وطالب مركز فلسطين بضرورة تعزيز مقومات الصمود لدى المقدسيين لدعمهم في مواجهة إجراءات الاحتلال ومحاولاته لإفراغ المدينة من اهلها، وتوفير الدعم القانوني المكثف لأسرى القدس وخاصة فئة الأطفال والنساء، وتوثيق انتهاكات الاحتلال المستمرة بحق المقدسيين والعمل على رفعها للمحاكم الدولية.