صعَّدت سلطات الاحتلال خلال العام الحالي من سياسة الاعتقالات التي تنفذها بحق أبناء شعبنا والتي أصبحت حدثا يومياً ملازما للفلسطينيين، حيث رصد مركز فلسطين لدراسات الأسري (1460) حالة اعتقال خلال الربع الاول من العام.
الباحث "رياض الأشقر" مدير المركز أوضح أن سلطات الاحتلال واصلت منذ بداية العام الجاري استهداف كل شرائح وفئات الشعب الفلسطيني بالاعتقالات والاستدعاءات، بينما ركزت بشكل واضح على مدينة القدس والتي وصل عدد الاعتقالات منها الى(560) حالة، وهو ما يشكل نسبة 38% من إجمالي الاعتقالات في الأراضي الفلسطينية.
وعَّد الأشقر سياسة الاعتقالات استنزافاً للشعب الفلسطيني، وأداة من أدوات القمع التي يلجأ إليها الاحتلال لمحاربته، والتأثير على مقاومته، فلا تكاد تمر ساعة الا وينفذ الاحتلال خلالها عملية اعتقال لأحد المواطنين أو أكثر، وفى بعض الايام تصل حالات الاعتقال الى العشرات.
اعتقال الأطفال
وبين "الأشقر" ان استهداف الأطفال بالاعتقال والحبس المنزلي وفرض الغرامات المالية تواصل خلال الشهور الثلاثة الماضي، حيث بلغت حالات الاعتقال بين الأطفال خلال الربع الأول من العام الجاري وصلت الى (182) حالة، غالبيتهم من مدينة القدس المحتلة، بعضهم مرضى يحتاجون الى رعاية طبية مستمرة مما شكل خطر على حياتهم، بينهم طفل مقدسي يعاني من أمراض في القلب وتم الاعتداء عليه بالضرب.
وكشف الأشقر ان أصغر المعتقلين الذين أقدم الاحتلال على اعتقالهم الطفلين محمد سنقرط (٩ أعوام) والطفل داوود حجازي (١١ عاماً) من قرية العيساوية شمال شرق القدس المحتلة، والطفل قصي وائل جادو (١١ عاماً) من مخيم عايدة شمال بيت لحم، إضافة الى اعتقال الطفلة "جنين سلمان" 14 عاماً من مدينة النقب.
بينما فرضت سلطات الاحتلال خلال الربع الأول الحبس المنزلي على 34 طفلاً من مدينة القدس بعد اعتقالهم لفترات مختلفة، وأجبرت غالبية الأطفال الذين تم اعتقالهم على دفع غرامات مالية مقابل الإفراج عنهم.
فيما رفضت إطلاق سراح الطفل المريض المعتقل ادارياً امل نخله من رام الله، وجددت له الإداري للمرة الرابعة على التوالي بحيث يصبح أكثر طفل يقضى فترة اعتقال ادارى.
اعتقال النساء
وأشار الأشقر الى ان سلطات الاحتلال واصلت استهداف النساء بالاعتقال والإبعاد عن المسجد الاقصى حيث بلغت حالات الاعتقال بين النساء (29) حالة غالبيتهم من مدينة القدس المحتلة، بينهم عدد من المرابطات، وتم إطلاق سراحهن بعد ابعادهن عن المسجد الاقصى، فيما اعتقلت السيدة "عزيزة مشاهرة" والدة الأسيرين المقدسيين "فهمي و رمضان مشاهرة" أثناء زيارتهم في سجن شطة.
بينما اعتقلت الاسيرة المحررة الصحفية بشرى الطويل من البيرة على حاجز زعترة جنوب نابلس وصدر بحقها قرار اعتقال إداري لمدة 3 شهور، والأسيرة المحررة ياسمين شعبان من جنين والتي كان أفرج عنها قبل عامين بعد خمسة أعوام من الاعتقال،
واعتقلت الطالبتين في جامعة النجاح عايدة المصري، وامنة بلال اشتية بعد مداهمة منزلهما في مدينة نابلس.
فيما أصدرت محكمة عوفر حكماً بالسجن الفعلي لمدة 16 شهراً على الأسيرة ختام سعافين 60 عاماً من رام الله، بعد ان اعتقلتها ادارياً ل15 شهراً بعد أن حولت ملفها لقضية وقدمت لائحة اتهام بحقها .
اعتقالات غزة
بينما شهد قطاع غزة خلال الربع الأول من العام (20) حالة اعتقال، منهم (11) حالة لشبان اقتربوا من الحدود الشرقية وأطلق سراحه غالبيتهم بعد التحقيق معهم، إضافة الى اعتقال سبعة صيادين والاستيلاء على مركبهم قبالة بحر مدينة غزة، وأطلقت سراحهم بعد ساعات من التحقيق.
فيما استمر الاحتلال في استغلال حاجز بيت حانون/ايرز كمصيدة للفلسطينيين، واستغلال حاجتهم الإنسانية للمعبر سواء للعلاج او التجارة، حيث اعتقلت قوات الاحتلال المواطنين وائل مطر من شمال قطاع غزة، وإبراهيم أبو حصيرة من مدينة غزة خلال مرورهم عبر الحاجز.
اعتقالات الداخل
وبين الأشقر ان قوات الاحتلال وأجهزة امن الاحتلال نفذت حملة اعتقالات واسعة في صفوف الفلسطينيين من داخل الأراضي المحتلة عام 48، طالت ما يزيد عن 230 مواطن، كان اكبرها من مدينة النقب على خلفية تصدي الأهالي واحتجاجهم على ما تتعرض له قرية الأطرش-سعوة من تجريف للأراضي ومصادرتها من قبل الاحتلال، وطالت الاعتقالات ما يقارب 170 مواطناً، بينهم 40 قاصراً اضافة الى اعتقال عدد من الفتيات، وتركزت الاعتقالات قرى الزرنوق وتل السبع وقرية أبو تلول وخشم زنة و قرية شقيب السلام.
ومارست قوات الاحتلال عمليات تنكيل وتعذيب بحق غالبية المعتقلين الذين وجهت لهم تهم التحريض والتعدي على عناصر الشرطة واشعال الإطارات، وقد عرض 150 من المعتقلين على المحاكم، حيث أفرج عن غالبيتهم بينما قدمت لوائح اتهام بحق 35 منهم.
كذلك اعتقلت ما يقارب من 50 مواطناً من مناطق وادي عارة وسخنين والطيبة والنقب والناصرة وذلك عقب عمليتي الخضيرة وبئر السبع وبررت هذه الاعتقالات بانتماء المعتقلين الى تنظيم داعش .
الأوامر الإدارية
أكد الأشقر أن سلطات الاحتلال صعدت خلال الربع الأول من العام الجاري من إصدار الأوامر الإدارية بحق الاسرى الفلسطينيين، رغم مقاطعة الاسرى الإداريين للمحاكم، حيث رصد اصدار (400) أمر إداري ما بين جديد وتجديد.
وأوضح بأن من بين القرارات الإدارية التي صدرت منذ بداية العام (210) قرار تجديد اعتقال إداري لفترات أخرى تمتد ما بين شهرين إلى 6 شهور، ووصلت الى (5) مرات لبعض الأسرى، بينما (190) قرارا ادارياً صدرت بحق أسري لأول مرة، معظمهم أسرى محررين أعيد اعتقالهم مرة أخرى.
وأضاف الأشقر ان الاحتلال يستخدم الاعتقال الإداري كعقاب جماعي بحق الشعب الفلسطيني، بهدف استنزاف أعمارهم دون مراعاة للمحاذير التي وضعها القانون الدولي والتي حدت من استخدامه، الا في إطار ضيق وخاصه انه طال كافة شرائح المجتمع الفلسطيني من نواب، وقادة فصائل، ونساء، وأطفال، ومرضى ولا يزال يواصل إصدار القرارات الإدارية بشكل مكثف رغم مقاطعة المحاكم منذ بداية العام الجاري.
واعتبر الأشقر ان استمرار إصدار القرارات الإدارية بحق الأسرى رغم عدم مثولهم أمام المحاكم لهو دليل واضح على شكلية وصورية المحاكم الادارية، يؤكد أنها محاكم سياسية جاهزة تقف خلفها مخابرات الاحتلال.
و لا يزال الاحتلال يعتقل في سجونه (490) أسير ادارى، غالبيتهم أسرى محررين قضوا فترات مختلفة داخل السجون وأعيد اعتقالهم مرة اخرى، وجدد لمعظمهم لفترات اخرى، ومن بينهم (5) من نواب المجلس التشريعي، و أسيرتين هما " بشرى الطويل" من البيرة، والأسيرة " شروق محمد البدن" من بيت لحم، إضافة الى 3 أطفال قاصرين.
معركة الإرادات
وقال الأشقر ان الشهور الثلاثة الماضية شهدت معركة صعبة بين الاسرى وإدارة السجون استمرت أسابيع وخاضوا خلالها العديد من الخطوات النضالية،وفي نهاية الأمر كانوا على موعد مع خوض إضراب مفتوح عن الطعام خلال مارس الماضي، الا ان إرادة الأسرى انتصرت بوحدة كلمتهم وموقفهم الجماعي واستطاعوا ان يجبروا الاحتلال على تحقيق معظم مطالبهم قبل الدخول في الإضراب الذي تم تعليقه.
وبين الأشقر ان مطالب الأسرى التي وافق الاحتلال على تنفيذها للحيلولة من الدخول في إضراب شامل أبرزها إعادة العديد من أصناف الكانتينا التي منعها الاحتلال عن الأسرى وإعادة تفعيل الهاتف العمومي لدى الأسرى المرضى في مستشفى سجن الرملة وهو ما تم بالفعل بعد أيام، وإلغاء قرار نقل أسرى المؤبدات كل 6 شهور، وزيادة المبلغ المالي الذي يودع في حساب الأسرى في كانتين السجن، وتلقى وعد واضح لتركيب الهاتف العمومي عند الأسيرات.
تراجع الأوضاع الصحية
وأشار الأشقر الى ان الربع الأول من العام شهد تدهور صحة عدد من الاسرى الى حد الخطورة نتيجة الإهمال الطبي المتعمد بحقهم، وتم نقل بعضهم الى مستشفيات الاحتلال أبرزهم الأسير المعتقل ادارياً منذ نوفمبر 2021 " محمود محمد أبو وردة (44 عامًا) من مخيم الفوار بالخليل، بعد أنّ تبين إصابته بورم سرطانيّ على الغدة الكظرية، في سجن "النقب، إضافة الى معاناته من مشاكل في عضلة القلب العمود الفقريّ، وارتفاع في ضغط الدم، وحالته الصحية صعبة.
كما طرأ تدهورًا جديد على الوضع الصحي للأسير موسى صوفان (٤٧ عامًا) من طولكرم، والمحكوم بالسجن المؤبد ومعتقل منذ 2003 حيث أثبتت الفحوص الطبيّة مؤخرًا أنّه مصاب بورم سرطاني على الرئة، وذلك بعد أن جرى نقله إلى مستشفى "برزلاي" نتيجة الإهمال الطبي الذي تعرض له منذ سنوات
كذلك تراجعت مجدداً صحة الأسير ناصر أبو حميد (49 عاما) المصاب بمرض السرطان حيث كان خضع لعملية استئصال للورم السرطاني في الرئة اليسرى الأسبوع الماضي، ورغم ذلك أظهرت الصور الطبية عودة السرطان إلى رئته. ويعاني من دوار مستمر وعدم القدرة على تناول الطعام، وعدم القدرة على المشي إلا بواسطة كرسي متحرك ويواجه صعوبة في تذكر الأشياء والمعلومات.
بينما تردى الوضع الصحي للأسير إياد نظير عمر (40 عاماً) من مخيم جنين، في سجن "عسقلان"، وكانت أجريت له في أغسطس العام الماضي عملية استئصال لورم حميد على الدماغ ولم تتم متابعته بعد العملية ولم تجرى له أي فحوصات الأمر الذى أدى لتراجع وضعه الصحي بشكل كبير.
ونتيجة استهتار الاحتلال بحياة الأسرى أصيب منذ بداية العام الجاري ما يزيد عن 250 اسيراً بفيروس كورونا وغالبيتهم يتواجدون في سجون ايشل وعوفر والنقب، إضافة الى إصابة 10 من الأسيرات في سجن الدامون.