تستيقظ كل يوم على أمل سماع خبر جديد يغير كل حياتها؛ فمنذ اعتقال ابنتها قبل سبع سنوات وهي تعيش أياما أشبه بالموت في كل لحظة، أما جرح معاناتها الصحية فغائرٌ يقتلع كل أشكال الفرح.
هذا حال عائلة الأسيرة المقدسية إسراء جعابيص التي تعتبر أصعب حالة صحية بين الأسيرات، فالحروق التي تعاني منها ما زالت تخط كل يوم آثارها في قلب إسراء وعائلتها، أما الإهمال الطبي فجانب آخر أوسع من المعاناة ذاتها.
ويمر يوم المرأة العالمي بينما الأسيرة جعابيص تكابد قهر السجن وظلم السجان؛ فما تقاسيه هناك مع عشرات الأسيرات يحول الثامن من آذار في كل عام إلى مناسبةٍ لاستذكار ما يصاحبه من انتهاك وقمع للمرأة الفلسطينية خاصة تلك التي تقبع في مقابر الأحياء.
وترى عائلة جعابيص أن ما تمر به إسراء وبقية الأسيرات هو جزء من سياسة الإمعان في الظلم التي ينتهجها الاحتلال متعمداً بحق المرأة الفلسطينية، فالحروق التي ما زالت تعاني منها كانت بسبب إهمال الاحتلال لحالتها منذ بداية إصابتها في عام 2015؛ بل وفوق ذلك بدء التحقيق معها وهي تنزف على الأرض دون الاكتراث لوضعها الصحي متجاهلين صراخها واستغاثتها.
ومرت جعابيص كذلك بفترة تحقيق قاسية داخل الأسر دون السماح لها بالحصول على حقها الطبيعي في العلاج أو الرعاية الصحية؛ وفي ظل معاناتها تبرعت إحدى الأسيرات لترعاها وتلبي احتياجاتها وكانتا وحيدتين أمام سجان حاول بكل الطرق زيادة آلامها.
أما طفلها معتصم فما زال يحلم برؤية والدته بجانبه حين يفتح عينيه صباحا؛ ولكن هذا الحلم معلق وفقا لمزاج المخابرات الصهيونية التي ترى في هذه السيدة المصابة خطرا على أمن كيان يدعي العدل.
32 أسيرة
يعتقل الاحتلال في سجونه 32 امرأة فلسطينية من بينهن 20 أسيرة محكومة بشكل فعلي؛ وأسيرة واحدة قاصر، و17 أسيرة صدرت بحقهن أحكام مختلفة، و11 أسيرة من الأمهات و6 أسيرات جريحات.
وتعتبر الأسيرة ميسون الجبالي أقدمهن ومحكومة بالسجن 15 عاماً، أما الأسيرة المقدسية شروق دويات
فهي أعلى الأسيرات حكماً ومحكومة بالسجن 16 عاماً، والأسيرة شروق البدن من بيت لحم معتقلة إدارياً منذ ديسمبر 2021.
ويحتجز الاحتلال الأسيرات في سجن الدامون على سفح جبل الكرمل بالداخل المحتل؛ حيث يعشن في غرف تفتقر للمقومات الإنسانية وسط غياب للرعاية الطبية أو المتابعة القانونية.
وتوصف حياة الأسيرات في السجن بأنها قاسية على أقل تقدير؛ حيث تملأ الرطوبة غرفهن ولا يمتلكن أي خصوصية داخل السجن فيضطررن لارتداء الحجاب أثناء الفورة بسبب كاميرات المراقبة المنتشرة بين الغرف، بينما يقدم لهن طعام سيء ولا يراعي الشروط الصحية.
ولأن الاحتلال يحاول تنفيذ عمليات إعدام ميدانية؛ اعتقلت الكثير من الأسيرات وهن مصابات، ولكنهن تعرضن لإهمال طبي بل استغلال لأوجاعهن خلال التحقيق، ومنهن الأسيرة نورهان عواد ومرح باكير وشروق دويات، حيث أصبن بالرصاص ولم يحصلن على العلاج الكافي ونقلن للمستشفيات لأيام قليلة، وجميعهن يعانين من أوجاع حادة كآثار للإصابة.
أيام لا تُنسى!
رغم أن بعض الأحكام تكون لعدة أشهر فقط على عدد من الأسيرات إلا أنها تمر كالسنوات؛ خاصة وأن الاحتلال يستفرد بهن ويستغل ضعفهن ويحاول فرض سياسة أمر واقع في سجن الدامون.
وربما برزت خلال الفترة الأخيرة معاناة طالبات الجامعات اللواتي أصبح الاحتلال يستهدفهن بالاعتقال والأحكام الكيدية دون تهم واضحة سوى النشاط الطلابي في محاولة لتجريمه.
وتقول الأسيرة المحررة ربى عاصي الطالبة في جامعة بيرزيت والتي تحررت قبل أيام قليلة بعد أن أمضت ٢١ شهرا في الاعتقال؛ إن الأسيرات حمّلنها رسالة بضرورة التفاف الشعب الفلسطيني حول قضية الأسرى ومساندتهن ودعمهن حتى يحصلن على الحرية الكاملة.
وأضافت بأن الأسيرات يطالبن بالحرية ولا شيء غير الحرية؛ وحتى يحين ذلك يناشدن للحصول على أبسط حقوقهن كالاتصال بعائلاتهن عبر تركيب هواتف عمومية؛ وإلغاء معبار الشارون الذي تتعرض فيه الأسيرات لكل أشكال التنكيل والإهمال، وكذلك إزالة آلات المراقبة من أقسام سجن الدامون، لافتة إلى أنهن يرقبن فجر الحرية في كل لحظة وينتظرن اليوم الذي سيعانقن فيه عائلاتهن دون قيد ولا سجان.