تزين المنزل بالأعلام والصور؛ فبلدته سلواد شرق رام الله على موعد مع استقباله بعد إضراب صلب استمر ثلاثة وأربعين يوماً، وحان اليوم قطف الحصاد والإفراج عنه لتكتمل فرحة الانتصار خارج الأسر.
ولكن الاحتلال كان يحضّر لنكث الوعود والإخلال بالاتفاقات؛ ففي اليوم الذي كان مقررا أن يفرج عنه تم تجديد الاعتقال الإداري للأسير مجاهد حامد النجار ورفض الإفراج عنه.
ويقول والد الأسير إن العائلة كانت تنتظر بفارغ الصبر الإفراج عنه بعد الإضراب الذي خاضه لمدة 43 يوما، وبسبب ما وصل إليه من وضع صحي خطير تم تقديم وعودات له بالإفراج عنه في شهر كانون الثاني، حيث وصل لحالة الخطر الشديد.
وأوضح أنه وبينما العائلة كانت تنتظر فرحة الإفراج تم إبلاغها من المحامي بتجديد الاعتقال الإداري لأربعة أشهر جديدة، فكان خبرا كالصاعقة عليها واعتبرته سابقة خطيرة، لذلك لا يجب السماح به.
وأضاف:" نرفض الاعتقال الإداري برمّته؛ ابننا مظلوم أمضى تسع سنوات في السجون؛ ثم أفرج عنه لمدة عام وشهرين تزوج خلالها وتم اعتقاله إدارياً، وكان في اشتياق شديد لأن يعود لابنه وزوجته، ولكن هذا ظلم ما بعده ظلم، ولا يجب أن يمر مرور الكرام لأنه أمر خطير".
أما والدته التي تبكي ليلا ونهارا ولم تجف دموعها منذ اعتقاله قبل عام وأربعة أشهر؛ فتقول إن الفرحة لم تسعها حين توصل مجاهد بإضرابه وصبره لاتفاق مع إدارة سجون الاحتلال للإفراج عنه، وكانت تنتظره بفارغ الصبر ولكنها صعقت بإعادة تجديد الاعتقال الإداري.
وتوضح أنه بعد تسع سنوات مستمرة في السجن من عام 2010 إلى عام 2019؛ كانت صدمةً أن يعاد اعتقاله من الأصل وتحويله للاعتقال الإداري، وحين حاول معرفة السبب أخبره أحد الضباط أنه اعتقل لأنه أسير سابق ويشكل خطرا أمنيا على دولة الاحتلال، أي أنه لم يكن هناك أي مبرر.
وأضافت:" لم أشبع من مجاهد؛ وهو الآن معتقل ظلما وبهتاناً كما كل الأسرى في سجون الاحتلال وازداد الظلم عليه بنكث وعد الإفراج عنه، ولا أستطيع تخيل صدمته الآن بعد كل ما تعرض له".
وترى الأم الصابرة أن كل ما يعيشه الأسرى في السجون هو ظلم فوق ظلم؛ فالأجواء شديدة البرودة التي تعصف بفلسطين حاليا هي منبع قلق لكل أم أسير في الوقت الذي يفرح فيه المواطنون لاستقبال الثلوج، فوالدة الأسير كل ما تفكر به هو ابنها الذي يتعرض لمختلف أنواع العذاب ومنع إدخال الملابس الشتوية له أو وجود أي من وسائل التدفئة.
وبينما يتحدث الجميع عن هذا القرار الجائر الجديد؛ يلعب طفل مجاهد الوحيد بالكرة؛ فقد تجاوز عمره العام ولكنه لا يعرف والده أبدا، حيث اعتقل وهو ابن شهرين فقط، وكبر متعرفا على والده بالصور ويحاكيه كل يوم دون أن يراه.
وتقول بيان زوجة الأسير لـ مكتب إعلام الأسرى إن طفلها عاش الحرمان بالمعنى الحرفي؛ حيث كان بعمر شهرين حين داهم الجنود منزله واعتقلوا والده؛ وكبر بعدها دون أن يستوعب أن والده في السجن بين جنود ظالمين.
وأوضحت أنه حين انتزع مجاهد قرار حريته بإضرابه الأخير؛ بدأت تهيئ طفلها لاستقباله كي لا يخاف منه، ولكن فرحة الاستقبال وئدت قبل أن تبدأ بتجديد اعتقاله الإداري.
وترى بيان أن هذه الخطوة خطيرة للغاية لأن عشرات الأسرى الفلسطينيين دخلوا إضرابا مفتوحا عن الطعام رفضا لاعتقالهم الإداري؛ فإذا مرت هذه الخطوة دون تحرك جدي فسيستخدمها الاحتلال مع بقية المضربين وستصبح نهجا ثابتا لديه في التصدي للإضرابات الفردية التي أثبتت قوتها خلال الفترة الأخيرة ونجاحها في إنهاء مهزلة الإداري.