انتظرت عائلته وقتا طويلا كي تراه أخيرا؛ فتم تحديد موعد محاكمته ليبدأ الشوق بالتعمق أكثر استعدادا ليوم اللقاء، ولكنّ المفاجأة كانت أن المحاكم متوقفة وتُعقد فقط عن طريق شاشة صغيرة عبر شبكة الإنترنت.
هكذا كان حال عائلة الأسير معاذ شواهنة من بلدة كفر ثلث شرق مدينة قلقيلية الطالب في جامعة خضوري بكلية البيطرة، حيث تعاني كما غيرها من عائلات الأسرى بسبب اقتصار المحاكمات على شاشة إلكترونية لا تشبع شوق عائلته لرؤيته.
ومنذ بدء جائحة كورونا أصبح وضع الأسرى في المحاكم شائكا ومعقدا رغم أنهم كانوا يخضعون لتقييدات خلال المحاكم العادية؛ ولكن الواقع الحالي زاد من صعوبة موقف العائلات التي تنتظر أي فرصة للقاء ابنها الأسير.
ويقول والد الأسير معاذ لـ مكتب إعلام الأسرى إن الأسير يكون حاضرا عبر شاشة الكترونية فقط وتكون عائلته في القاعة تشاهده من بعيد دون أي تواصل.
وأضاف:" شاهدت بأم عيني عذاب عائلات الأسرى خلال محاكمة أبنائهم في محكمة سالم العسكرية؛ بحيث لا يسمح إلا لشخص واحد من العائلة الدخول لقاعة المحكمة، وتكون الشاشة بعيدة عن أنظار عائلات الأسرى، وتكون الرؤيا ضعيفة ولا يشاهد الأسير عائلته بوضوح وكذلك العائلة؛ فالوضع داخل المحكمة العسكرية في حالة إرباك وفوضى وتكون المحاكمة سريعة ولا يستطيع الأهل الاطمئنان على ابنهم المعتقل".
وضع مزرٍ تتحول له قاعة المحكمة؛ فهذا الأب لا يستطيع رؤية ابنه المعتقل؛ وهذه الأم تريد أن تسمع صوته ولا تستطيع وآخر يقول أين ابني لعدم قدرته على التمييز بين الموجودين عبر الشاشة؛ ما يثقل الأسر على عائلات الأسرى؛ ويجعل جلسة المحاكمة عبارة عن محطة قهر وذل لعائلة الأسير.
ويرى شواهنة أن الاحتلال لا يرحم عائلات الأسرى ويزيد من عذابهم عبر هذه المحاكمات الصورية التي لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحقوق الإنسانية، فالعائلات تنتظر صباحا وتسير في ممر طويل ومعقد ثم محطة تفتيش وإذلال؛ وبعدها انتظار قبل الدخول إلى القاعة الأخيرة حيث الشاشات الإلكترونية وعدم القدرة على تعامل معظم عائلات الأسرى معها.
هذا الواقع جعل الكثير من عائلات الأسرى يرفضون العودة مجددا إلى مثل هذا النوع من المحاكمات عبر تطبيق "الزووم"، حيث أن العذاب المتعمد المفروض عليها زاد من قهرها وجعلها تبتعد عن هذه المحطة الإذلالية.
طابع تنكيلي
بدوره يرى المحامي وسام اغبارية من الداخل المحتل أن المحاكم العسكرية لها طابع تنكيلي بعائلات الأسرى، فخلال المحاكمة تكون الإجراءات عنصرية بامتياز.
وأوضح أنه تم استغلال جائحة كورونا من قبل الاحتلال في تشديد الإجراءات عبر شاشات إلكترونية يتم التشويش بشكل متعمد عليها خلال المحاكمة لمنع أي تواصل بين الأسير وعائلته.
وبالرغم من شكوى عائلة الأسير؛ إلا أن المحكمة وقضاتها لا يحركون ساكنا تجاه هذه المعاناة بل يتم المصادقة على كل هذه الإجراءات في هذا الصدد.
وأكد المحامي أنهم قدموا عدة اعتراضات على عدم ملاءمة هذه الشاشات للحالة الميدانية خلال المحاكمة؛ وأن المحاكمات شبه صورية بهذه الصورة؛ إلا أن كل هذه المطالبات لم تجد آذانا صاغية.