تجربة الإضراب عن الطعام قاسية توصل من يخوضها إلى وضع صحي صعب قد يشارف معه على الموت؛ ولكن في سجون الاحتلال فإن هذه التجربة لا يخوضها إلا من وقع عليه ظلم كبير وإجحاف من كافة الجهات الصهيونية ممثلة بإدارة السجون والسجانين والمخابرات والمحاكم والقضاة.
ورغم أن كل الأسرى الفلسطينيين يتعرضون للظلم ذاته؛ إلا أن الأسرى القابعين رهن الاعتقال الإداري يشعرون بكميات مضاعفة منه خاصة عندما يتم تجديده لهم فور انتهائه وقد يكون ذلك لحظة التحرر، والأمرّ من ذلك أن هذا النوع من الاعتقال يتم بلا تهمة، فيقبع الأسير سنوات في السجن دون أن يعرف ما تهمته.
هذه الظلمات التي يمر بها الأسير تجبره على خوض معركة الأمعاء الخاوية رغم ما تحمله من خطورة على صحته وحياته؛ ويعلم قبل الخوض فيها أنها قد تصل إلى مئة يوم من المعاناة أو أكثر، ولكنها سبيله الوحيد للخلاص من الظلم الأكبر الواقع عليه فلا سلاح لديه غير الإضراب.
عقاب
الأسيرة المحررة منتهى الطويل من مدينة البيرة زوجة الأسير القيادي جمال الطويل المعتقل إداريا لمدة ستة أشهر ووالدة الإعلامية الأسيرة بشرى الطويل القابعة في الاعتقال الإداري كذلك؛ ترى أن الاعتقال الإداري هو أكبر عقاب.
وأوضحت أن الاحتلال يستخدم هذا الاعتقال في ملاحقة الفلسطينيين؛ فهو اعتقال جاهز للتنفيذ في أي لحظة ولا يحتاج إلا إلى قرار على ورقة يصدرها ضابط المنطقة ليصبح المعتقل خلال فترة قصيرة أسيرا وصادر بحقه حكم بالسجن لمدة ستة أشهر.
وأكدت أنه يتم ترحيل قرار الإفراج في لحظة بعد انتهاء القرار الأول في لحظات أيضا؛ وفي نهاية المطاف يكون المعتقل الإداري قد أمضى فترة طويلة بالتقسيط في هذا الاعتقال.
وأضافت:" زوجي الأسير أمضى 16 عاما في الأسر معظمها في الاعتقال الإداري؛ وابنتي الأسيرة الإعلامية اعتقلت أكثر من خمس مرات وكلها في الاعتقال الإداري؛ وأنا اعتقلت لمدة عام أيضا في السابق، ومن حق المعتقلين الإداريين خوض الإضراب عن الطعام تنديدا بهذا الاعتقال الغاشم غير القانوني والمستند إلى قانون الانتداب البريطاني لعام 1945 ".
حرمان
أما عائلة القيادي في حركة حماس شاكر عمارة (٦٢ عاما) من مخيم عقبة جبر في مدينة أريحا فتعيش حالة من القلق والانتظار بعد تمديد اعتقاله إداريا أربع مرات عقب اعتقاله في أيار من عام ٢٠٢٠.
وتؤكد زوجته أم عبادة أن الاعتقال الإداري حرم زوجها من مشاركة عائلته محطات اجتماعية هامة في حياتها منها تخرج أبنائه من الجامعات وزواجهم؛ ويتم تهديده باستمرار من قبل المخابرات بالاعتقال الإداري.
وأوضحت أنه في الاعتقال الأخير أخبره ضابط المخابرات بقرار الاعتقال وهو داخل المنزل معترفا له أنه لا يوجد ملفات بحقه سوى أن المخابرات لا تطيق وجوده في الخارج، ما يدلل على أن الاعتقال مفاجئ مبني على أساس انتقامي بدون أية تهمة تذكر.
وأضافت:" زوجي أمضى في الاعتقال أكثر من عشر سنوات معظمها في الاعتقال الإداري ولم يتوقف مسلسل الاعتقال الإداري لغاية الآن وهو يقبع فيه".
أما زوجة الأسير القيادي رأفت ناصيف من مدينة طولكرم فتقول إن زوجها أمضى أكثر من 17 عاما في الأسر منها 13 عاما وأكثر في الاعتقال الإداري؛ وأطفاله لا يعرفونه عن قرب، ولا يسمح له بالبقاء حرا سوى عدة أسابيع ليكون الاعتقال الإداري الجديد جاهزا ليزج في السجن فترة طويلة بدون تهمة؛ وهذا يقتل كل استقرار اجتماعي.
بدورها تؤكد زوجة القيادي الأسير عبد الجبار جرار من جنين أنه تم تمديد زوجها في الفترة الأخيرة بشكل مفاجئ بينما كانت عائلته تنتظر وتعيش حالة نفسية صعبة، حيث تعرض لكسر في يده في الاعتقال الأخير ويعاني من عدة أمراض.
وأوضحت أن اعتقاله الإداري كان على خلفية الانتقام منه لحضوره الاجتماعي؛ فهذا الأمر جعله يدفع فاتورة باهظة.
وتابعت:" من الواجب أن يتم وضع حد لهذا الاعتقال الظالم والعنصري ودعم الأسرى في معركتهم وخطواتهم، فالاحتلال يخشى من المساندة الشعبية للأسرى".