لم تغب الأمنيات يوما عن ذهن السيدة إخلاص السيد "أم عبد الله" التي حال الأسر بينها وبين زوجها الأسير القائد عباس السيد من مدينة طولكرم منذ عشرين عاما.. فالقلب يخفق بالأمل دوماً ولم تنجح سياسات الاحتلال في وأده.
وبينما تتابع أم عبد الله بعضاً من خفايا تنفيذ صفقة وفاء الأحرار عبر برنامج "ما خفي أعظم" عبر قناة الجزيرة قبل أيام؛ يتجدد هذا الأمل خاصة بعد بث تسجيل صوتي لأحد الجنود الأسرى لدى المقاومة يعاتب فيه حكومته الصهيونية التي ما زالت تتلكأ في الإفراج عن جنودها.
هذا التسجيل القصير لبضعة ثوانٍ كان كفيلا أن يسقي شجرة التفاؤل بقرب إنجاز صفقة مشرفة ثانية في قلوب عائلات الأسرى؛ الذين قاسوا الوجع والغياب لسنوات طويلة.
"لحظات فرح حقيقية عشناها على مدار خمسين دقيقة في البرنامج؛ فشعرنا أن المقاومة كابدت أعواما من المفاوضات الصعبة والاعتداءات الصهيونية على أهلنا في قطاع غزة المحاصر لتحافظ على الجندي الأسير في حينه جلهاد شاليط كي تعيد فرحة عائلات الأسرى بحريتهم"، هكذا تصف أم عبد الله شعورها.
ويعتبر الاحتلال الأسير السيد ضمن قائمة "ڤي آي بي" التي يتحفظ عليها ويرفض الإفراج عن الأسرى المسجلين فيها، ويصل حكمه إلى 3550 عاما ومصنف من "العيار الثقيل" حسب تصنيف مخابرات الاحتلال.
وتضيف:" سجدت شكرا لله بعدما سمعت تفاصيل البرنامج، وأن وحدات الظل تسعى إلى زيادة عدد الجنود لدى المقاومة فهذا الأمر له تداعيات علينا، فالأمر غير مقتصر على ما لديهم من كنز، بل هناك سعي حثيث من أجل تعزيز العدد من الجنود حتى يكون هناك تبييض للسجون وفي مقدمتهم أسرى المؤبدات وقدامى الأسرى وعددهم بالمئات".
وأكدت أنها تشعر بأن محطة الإفراج باتت قريبة بمعناها الحقيقي؛ وأن الاحتلال لا مناص له إلا أن يستجيب مجبرا ومكرها لمطالب المقاومة؛ وأن أي قضية أخرى هي غير مرتبطة بقضية الأسرى سواء الحصار أو الإعمار .
ضبوا اغراض الزنزانة!
أما عائلة الأسير رائد الحوتري من مدينة قلقيلية والمحكوم بالسجن لمدة 2200 عام فاعتبرت أن البرنامج كان نقطة تحول لدى عائلات الأسرى الذين كان يغزوهم القلق حول ملف المعتقلين والصفقة.
وتقول زوجته أسماء الحوتري لـ مكتب إعلام الأسرى إنه لا بد من البناء على ما جاء في البرنامج، فلا يوجد فيه أوهام بل معلومات صادقة؛ وأن الاحتلال سوف يستجيب وهو خاضع فلديه طقوس أجل إرجاع جنوده، وهذا سوف يلزمهم على دفع الثمن التي تريده المقاومة.
وتعتبر أن ثقل من تحدث في البرنامج شخصية مثل مروان عيسى الرجل الثاني في كتائب عز الدين القسام هي التي تحدد شكل المرحلة القادمة.
وأضافت:" بعد البرنامج جلست مع ابني مقداد وابنتي حور وجرى الحديث عن محطة الإفراج التي طالت مدة 19 عاما لغاية الآن وأن قضية الأسرى لدى المقاومة ليست هامشية بل لها الأولوية الأولى لديهم؛ وأن أسرانا الآن ينشدون "ضبوا أعراض الزنزانة" فما جاء في ما خفي أعظم جعلنا نعيش الأمل الحقيقي والسنواا السرمدية من الحكم ستذهب أدراج الرياح ولا قيمة لها مقابل كنز المقاومة، فقد عاد الأكسجين إلينا وعادت معه الحياة بعد هذا العذاب الطويل".
فلسطينيو 48
وفي بلدة كفر قاسم في الداخل الفلسطيني المحتل عام ١٩٤٨ ينبعث الأمل مجددا في عروق أفراد عائلة الأسير أحمد أبو جابر (٦٤ عاما) المحكوم بالسجن المؤبد والمعتقل منذ 34 عاما.
وترى عائلات الأسرى في الداخل المحتل أن ما كُشف في البرنامج عن إصرار المقاومة إدراج أسماء الأسرى من فلسطينيي الأراضي المحتلة؛ هو تأكيد واضح أنها لن تنجز أي صفقة جديدة إلا بتضمينهم فيها، وهو ما يشعرهم بالعزة والفخر أن هناك من يتذكر معاناتهم.
ويقول ابن عم الأسير؛ البرفيسور إبراهيم أبو جابر :" لاشك أن ما جرى في برنامج "ما خفي أعظم" هو تحريك متقن للمياه الراكدة، وأن الأمر مدروس وليس دغدغة عواطف أو استعراض وهمي، فالتحليل العلمي للبرنامج يمكن وصفه بالمتقن في إرسال الرسائل للجهات المستهدفة سواء عائلات الأسرى وعائلات الجنود والمستوى الأمني والسياسي في دولة الاحتلال".
ورأى أن كل ذلك أربك الاحتلال وأحرجه؛ فالذي ظهر في البرنامج القوي ليس الاحتلال صاحب السطوة والقوة، بل المقاومة المحاصرة منذ 15 عاما.
وأضاف :"مثال ابن عمي الأسير أحمد أبو جابر بعد تحديد المؤبد له بـ 54 عاما وقد أمضى 34 عاما وعمره اليوم 64 عاما؛ أي أن عمره سيكون 84 عاما إذا مد الله في عمره حتى يخرج من السجن؛ إلا أن ظهور التسجيل الصوتي لأحد الجنود سوف يختزل العشرين عاما في أشهر قليلة؛ وهذه فرصة العمر التي ينتظرها كل أسير ، فالأجساد قد هرمت ولم يعد هناك متسع من الوقت ".