ذلك الجهاز الصغير القديم الذي لم تعد له أهمية في عالم التكنولوجيا المتطورة ووسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية؛ يعتبر كنزا في مقابر الأحياء التي تضم بين جدرانها السميكة آلاف الأرواح المشتاقة لمنازلها وعائلاتها وأطفالها.
المذياع ورغم تخلي معظم الناس عنه إلا أنه يعتبر نافذة للحياة لدى الأسرى والأسيرات؛ فهو يمكّنهم من سماع صوت أهاليهم وسماع الأخبار الموثوقة وليست تلك التي تريد لهم إدارة السجون الصهيونية أن يسمعوها، بل يكاد يكون المصدر الموثوق الوحيد الذي ينقل البث المنتقل عبر الأثير دون حواجز وقيود وأسلاك ليصل إلى سجون معزولة بعيدة يريد الاحتلال لها الموت البطيء.
يوم عيد!
تعتمد الأسيرات على المذياع بشكل كبير خاصة وأن الاحتلال يتعمد منع الزيارات عنهن؛ كما لا يمتلكن هواتف عمومية ويحاول عزلهن قدر الإمكان عن أهاليهن وأخبارهم.
الأسيرة المحررة شذى حسن تقول إن المذياع لدى الأسيرات هو حياتهن خاصة في ظل أزمة كورونا وانقطاعهن عن التواصل مع العالم الخارجي؛ لأن الاحتلال منع زيارات الأهل والمحامين بحجة انتشار الفيروس.
وتوضح لـ مكتب إعلام الأسرى أن المذياع يعتبر نافذة صغيرة لسماع صوت الأهالي من خلالها والاطمئنان عليهم بشكل يومي أو أسبوعي.
وتؤكد وجود تلفاز لدى الأسيرات ولكن القنوات الموجودة عليه محدودة ولا تفيدهن في معرفة الأخبار من حولهن؛ فالمذياع يشكل مصدرا قويا لمعرفة هذه الأخبار الموثوقة عن طريق سماع الإذاعات المحلية من الضفة وغزة.
وأضافت: "المذياع هو المتنفس والأهم أنه يحمل صوت الأهالي وكنا نعتبره يوم عيد حين تبث الإذاعات أصواتهم".
رسائل الشوق
المحررة أنسام شواهنة من قلقيلية والتي تحررت قبل أيام قليلة بعد خمس سنوات من الاعتقال؛ قالت إن المذياع يعتبر صندوق الشوق لدى الأسيرات، حيث من خلاله يسمعن رسائل الأهل والأحبة في ظل الحرمان والعزل المؤذي.
وتؤكد شواهنة لـ مكتب إعلام الأسرى بأن إدارة سجون الاحتلال عرفت قيمة المذياع لدى الأسيرات فقامت بمنعه من قائمة الكانتينا، ما جعلهن يعشن أجواء الحزن والقلق، والخوف على أجهزة المذياع الموجودة لديهن من التلف.
أما والدها ناصر شواهنة فيعتبر المذياع نسخة مصغرة عن زيارة العائلة التي حرمت منها عائلات الأسرى لفترات طويلة.
ويقول إن البرامج الإذاعية التي تحمل رسائل الأهالي كانت تبعث هذه الكلمات إلى الأسيرات؛ ما يجعلهم يتخيلون الأسيرات وهن يجلسن للاستماع لهذه الرسائل التي تثلج صدورهن.
مكتب إعلام الأسرى يوثق اعتقال الاحتلال في سجن الدامون 34 أسيرة منهن الأمهات والجريحات والقاصرات في ظروف قاسية من العزل والحرمان .