ثمانية عشر عاماً من القيد والظلم والقهر، محروماً من نور الشمس ومن عبير الحرية التي سلبت منه وهو ابن الخمسة عشر ربيعاً، تلك هذه الأعوام قضاها وهو بين جدران الظلم وعذاب السجن، وعتمة الزنازين، وقضبان الأسر، لتتبدل هذه السنين الطويلة العجاف وتشرق شمس الحرية عليه من جديد.
المحرر سائد عمر(42عاماً) من بلدة دير الحطب قضاء نابلس يروي لحظات الإفراج وتجربته مع الأسر والتي وصفها بالمريرة والصعبة.
لحظة الإفراج
يقول الأسير المحرر أن لحظة الإفراج لا يمكن وصفها، ولا تقدر بأي ثمن فالحرية لا ثمناَ لها، ولا يمكن لأي أحد أن يشعر بقيمتها إلا من دخل السجن وعاش معاناته وظروفه القاسية جداً.
ويضيف سائد: كان شعوري في اليوم الأخير لي داخل السجن مختلط، بين فرحتي بلقاء عائلتي بعد هذه السنوات من الحرمان والفراق، وفي الوقت نفسه حزني على الأسرى الذين تركتهم خلفي، فهناك الكثير منهم من يعاني من ظروفِ صحيةِ صعبة جداً وينتظرون لحظة بلحظة أن يتم علاجهم، ومنهم من هو محكوم عليه بالمؤبدات العالية.
ويصف المحرر فرحة عائلته التي لم تصدق في البداية أنه أفرج عنه بعد هذه السنوات ويقول: لا أعرف ماذا يدور في داخلهم ولكنّي رأيت الفرحة على وجههم ولمحة بريق عينهم عندما شاهدوني خارج السجن.
ويتابع عمر حديثه: خرجت من الأسر ووجدت أن هناك 30 بنت وولد يقولون لي عمي وخالي ولا اعرف أحداً منهم ولا يعرفوني إلا من خلال الصورة .
تجربة الأسر
وحول تجربة الأسير داخل الأسر ومعناته يقول: كانت تجربة الأسر مريرة للغاية وصعبة لم أتمكن في البداية التأقلم مع ظروف السجن، فأنت تكون في الخارج تعيش بحرية وفجأة تجد نفسك داخل السجن وبين أربعة جدران، ولكن مع مرور الوقت تكون مجبوراً على الاعتياد وتقبل الوضع الذي أنت عليه.
ويتابع: أنّ ما يسهل الأمر أن الأسرى القدامى يحاولون أن يخففوا على الأسرى الذين يدخلون السجن بعدهم، فهم يحاولون قدر الإمكان ألا يكون لدية صدمة كبير وإقناعه أن هذا هو الواقع ويجب عليك تقبله، وأنّ غداً سيأتي أسرى أخرين وستقنعهم بالتأقلم والاعتياد على السجن.
ويضيف رغم مرارة السجن وقسوته إلّا أننا نتعلم الكثير من الأشياء داخل السجن" نحن داخل الأسر نتعلم على الإنضباط والإلتزام، والنظام، والتعرف على أبناء بلدك من جميع أنحاء فلسطين، عدا على أن السجن يعتبر مدرسة للأسير فأنا داخل الأسر زادت معرفتي وتثقفت بعدة أمور لم أكن أعرفها خارج السجن، فالأسير داخل الجدران ليس بوسعه أن يفعل شيء سوى أن يكتسب المعرفة والخبرة خلف هذه القضبان.
وحول كيف يقضي الأسير يومه داخل السجن يقول المحرر: كنا نستيقظ في الصباح الباكر، ثم نذهب لعمل التمارين الرياضية لمدة ساعة، وبعدها نذهب للمطالعة لمدة ساعة أيضاً، ثم بعد ذلك تأتي وجبة الفطور، بعدها نأخذ قيلولة النوم لمدة ساعتين تقريباً، وبعدها نعقد جلسات منوعة منها الثقافية والحزبية، بعدها نتابع ساعة الأخبار لنعرف ما يجري ويحدث في الخارج.
وحول ما حققه الأسير داخل الأسرى يقول الأسير المحرر عمر: أنني اعتقلت وكنت في الصف التاسع، قبل أن أنهي تعليمي، فحصلت على شهادة الثانوية من داخل السجن، وتمكنت أيضاً من الحصول على شهادة البكالوريوس من داخل السجن، عدا عن حصولي على العديد من الدورات في مجال الصحافة والإعلام والاسعافات الأولية.
ويضيف رغم أن إدارة السجون كانت تضايق علينا وعلى من يحاول أن يتعلم، فهي كانت تمنعنا من المطالعة وإدخال الكتب، وتنخص علينا من خلال نقلنا من سجن إلى آخر، وعدم الاستقرار، وتخريب نظامنا.
وضع الأسرى داخل السجون
وبحسب الأسير المحرر فإنّ الأسرى داخل السجن يتعرضون لهجمة شرسة يخوضونها مع السجان، وخصوصاً في وقت اقتراب الانتخابات، فالورقة الرابحة بين أيديهم هي الضغط والتضييق على الأسرى، لتكون دعاية انتخابية، فهذا يساعدهم على كسب رأي الشارع الإسرائيلي عندهم.
ويضيف لقد تركت الأسرى في وضع صعب ففي الفترة الأخيرة، كان هناك تفتيش كامل في سجن النقب، حيث تم إخراج جميع الأسرى من القسم 13 وتم توزيعهم على الأقسام الأخرى لمدة أسبوع دون أي تغطية، وتزداد معناتهم مع البرد الشديد.
مطالب الأسرى
ويطالب الأسير عمر بضرورة الاهتمام بقضيتهم ورفعها لمنظمات حقوق الانسان الدولية ومحكمة الجنايات الدولية، ويؤكد على أن الأسرى جمعيهم من القوى الوطنية والإسلامية تطالب بضرورة التعاون والاتحاد لرفض صفقة القرن، فهي لا تلبي أي مطالب للشعب الفلسطيني.
ويشير إلى ضرورة إنهاء الإنقسام وضرورة توحيد الشارع الفلسطيني وأن نكون يدأَ واحدة وننهي جميع الخلافات، في جميع المنطقة الجغرافية لمواجهة هذه الصفقة، فالتوحد هو الذي يساعدنا على إنهاء هذه الصفقة.