رغم ظلم السجان وقسوة الأسر وعتمة الزنازين إلى أن الاحتلال لم يستطع أن يسجن عقول الأسرى كما سجن جسده، فبإرادتهم القوية وإصرارهم الكبير تمكنوا من انتزاع حقهم ومواصلة مسيرتهم التعليمية، فنجح الاّلاف من الأسرى في الحصول على شهادة الثانوية العامة ومنهم من حصل على برنامج البكالوريوس أيضا، ومنهم من تمكن من إكمال دراسته العليا، وحولوا فراغات السجن إلى منابر علماً ونور، هذا كله رغماً عن أنف السجّان، والعوائق التي يضعها في وجهم.
الأسير أمير اشتية (26عاماً) من نابلس يحصل على شهادة البكالوريوس تخصص العلوم السياسية من داخل سجون الاحتلال، حيث كانت قوات الاحتلال قد اعتقلته وهو في فصله الأخير بالجامعة.
في هذا الإطار تتحدث زوجة الأسير أمير اشتية المحامية أمان منصور لمكتب إعلام الأسرى عن تخرج زوجها الأسير وكيف كان الاعتقال الإداري سبب لتأخير تخرج أمير.
مشاعر مختلطة
تعبر زوجة الأسير اشتيه أمان منصور عن فرحتهم بتخرج زوجها وتقول" بعد ثمانية سنوات شاء الله تعالى أن يطوي أمير هذه الصفحة، كانت مشاعرنا مختلطة بين شعوراً الفرح لخبر انتظرناه طويلاً وبين الحزن على غياب أمير وعدم تمكنه من مشاركة الفرحة معنا ".
لقد وصل خبر تخرج أمير بعد جهدٍ كبير وسعي ومتابعة من قبل العائلة للحصول على هذه النتيجة، تضيف منصور" لقد كانت الفرحة مكللة بالتعب وبالمقابل كان هناك فرحة بالإنجاز وشعور بأن الأسير أصبح قادراً على فعل أي شيء من داخل الأسر".
تحدي وإصرار
نتيجة اعتقاله المتكرر فقدت عائلة الأسير املها بتخرج أمير وأن مشواره الجامعي انتهى فهو كان قد تأخر لأكثر من 8 سنوات عن دراسته ولكن استطاع أمير بعزيمته وإرادته القوية إكمال دراسته وإنهاء فصله الأخير من داخل سجون الاحتلال تقول منصور" لقد كانت فرحة العائلة مضاعفة عن أي ابن آخر أخذ شهادة بظروف طبيعية.
تضيف منصور" لقد اعتقل أمير وهو بفصله الأخير من مسيرته الجامعية، ولكن بسبب اعتقاله اضطر لإكمال فصله من داخل السجون وبتنسيق مع إدارة الجامعة ونادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى تم إدخال المساقات والمقررات الدراسية إليه، وتمكنه من استكمال مشروع التخرج بأشراف أكاديميين من داخل السجن، وتم اعتماد علامة المساق من خلال دراسته من داخل السجن، وبالتالي انهاء الفصل المتبقي لديه متحدياً بذلك صعوبة الاعتقال ومعاناة الأسر.
وحول الصعوبات والتحديات التي واجهت أمير أثناء دراسته من داخل الأسر تقول المحامية أمان منصور" لقد عانى أمير في بداية دراسته من عدم تمكن العائلة من التواصل معه وصعوبة في إدخال المقررات الدراسية، وايضاً عانى من تغير الخطة الدراسية، فهناك بعض المواد الذي درسها أمير ولكن حذفت وبعض المواد التي تمت أضافتها بسبب تأخر أمير عند دفعته، عدا عن أن السياسيات المتبعة مع الأسرى الذين يرغبون في إكمال دراستهم صعبة جداً، فهناك إجراءات مطولة وتنسيق مع أكثر من جه".
وفي رسالة بعثها الأسير مع زوجته يطالب فيها بضرورة وجود لجنة متخصصة في متابعة الطلبة خلال دراستهم في السجن، لتسهيل عملية التواصل
تقول المحامية أمان منصور" لقد كنا نتواصل مع هذه الجهات كأهل أسير، دون أن يكون هناك أي جهة توجهنا للإجراءات، فقد كان التنسيق شخصي عائلي".
اعتقالات متكررة
تعرض أمير للاعتقال ثلاث مرات متتالية فقد كانت بداية الاعتقال في 2013 عندما فاز بعضوية مجلس اتحاد الطلبة، واعتقل على إثر نشاطه الطلابي وحكم عليه بالسجن لمدة تسع شهور وحرم من سنة دراسية كاملة.
تسرد منصور" بعد إطلاق سراح أمير في عام 2014 عاد إلى الجامعة لإكمال دراسته ولكن لم يسمح له الاحتلال بذلك فقد اعتقال زوجي في 2015 وبقي محكوم إداري لمدة سنتين إداري دون أية تهمة، وتمديدات كل تمديده لمدة ست شهور وبعدها أطلق سراحه في نهاية 2017".
تستردف منصور قولها" كان متبقي لأمير سنة دراسية واحدة لإنهاء الجامعة ولكن في فصله الأخير تم اعتقاله للمرة الثالثة، وهو معتقل منذ سنة ولكن لغاية الآن لم يصدر بحقه أي حكم".
لقد كان يرغب أمير أثناء اعتقاله الثاني في أنهاء الجامعة وأن يخرج إلى مجتمعه ويعمل في مجال تخصصه ولكن الاعتقال المتكرر حال دون ذلك، ولكن بعد اكمال دراسته في الاعتقال الثالث وحصوله على برنامج البكالوريوس، يطمح أمير لإكمال دراسته العليا من داخل الأسر ويتخصص بالدراسات الإسرائيلية.
معاناة أمير داخل الأسر
وحول معاناة الأسير أمير داخل السجن تقول منصور" أصعب ما يواجه الأسير داخل السجن هو الاعتقال الإداري، فهو لا يعلم ماذا سيكون مصيره، وأمير تعرض للاعتقال الإداري ثلاث مرات، وفي كل مرة يكون اعتقاله على خلفية نشاطه وحراكه الطلابي، كانت دائما غصة في قلوبنا وقلب أمير، فاعتقال ثالث خلال مسيرته الجامعية كانت صعبة عليه".
تستكمل زوجة الأسير حديثها عن معاناة زوجها وتضيف" يتعرض كل فتره لتحقيق قاسِ وبالفترة الأخيرة أعلن أمير عن إضرابه عن الطعام لمدة 14 يوماَ ضد أجهزة التشويش التي تم تركيبها داخل السجون، ولاحقاَ منع أمير من الزيارة لمدة ثلاث شهور ونحن لغاية الآن محرومين من زيارته".
الاعتقال له تأثير على عائلة الأسير ولكن دائما الأسير يحاول أن يُثبّت أهله، وأن اعتقاله لغاية فهو غير معتقل لأمر جنائي هو في سبيل الوطن وقضية وتوصيل فكر معين" لم أشعر في يوم أن أمير أثّر عليه سواء تحقيق قاسٍ أو اعتقال إداري، أو تمديد توقيف، كان يحثنا دائماً ان تمسك بالأمل ونصبر، فمعنويات أمير رغم ذلك ما تزال عالية جداً".
رسالة أمان
من الناحية العلمية توجه زوجة الأسير اشتية أمان منصور رسالة للجامعات الفلسطينية والجهات المختلفة بأنه يجب أن يكون هناك مزيد من الجهود الحثيثة تقول أمان " الأسرى داخل السجون عددهم كثير يجب أن يكون لدي أي أسير يدخل الأسر بصيص أمل بإمكانية إكمال تعليمة، فلمست بعد تخرج أمير أن يشعر بأنه غير مسجون، وإحساسه أنه أصبح بإمكانه أن ينجز شيء داخل سجون الاحتلال كالأحرار".
وتتابع" هم لم يستطيعوا أن يسجنوا فكرة وعقله مع جسده، وبالتالي مطلوب من كل الجهات أن تتعاون لتعطي للأسرى فرص أكثر من الناحية الأكاديمية، وفي دعم البحث العلمي والمكاتب الموجودة داخل السجن".
الرسالة الثانية لأهالي الأسرى توجهها منصور أنه هناك دائما أمل ويجب التمسك بالحق، وأن تخرج الأسير وهو بالسجن هو من حقوقه ولكن الأمر يحتاج إلى متابعة مستمرة، رغم أن الإجراءات يمكن أن تكون معقدة".
وتطالب أيضاً منصور التعليم العالي بضرورة أن يكون هناك لجنة تراعي أمور الطلبة داخل السجن وعقد دورات واعتماد شهادات مختلفة للأسرى.