لم يبق الاحتلال حجرا واحدا مكانه بعد مجزرة الهدم التي نفذها قبل عدة أيام في بلدة بيت كاحل الوادعة غرب مدينة الخليل، فحقده دفعه إلى هدم أربعة منازل تأوي أطفالا ونساء وتحمي بداخلها قصص ثبات مرت على عائلات فلسطينية.
ولم تكن عائلة عصافرة تعلم أن صيف عام ٢٠١٩ سيحمل معه الكثير من الأحداث عليها، حيث أعلن الاحتلال عن فقدان جندي صهيوني شمال مدينة الخليل ليعثر بعد ساعات على جثته مقتولا، وبعد التحقيقات اقتحم بلدة بيت كاحل واعتقل منها الشبان نصير وابن عمه قاسم وزوجته إيناس.
ويقول والد قاسم لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال داهمت منازل العائلة في العاشر من أغسطس الماضي والذي وافق يوم عرفة قبل عيد الأضحى المبارك بيوم واحد، حيث هاجم الجنود المنازل بشكل همجي وبدأوا بالاعتداء الجسدي على نصير وقاسم وذلك بطرق رؤوسهم في الأرض وكانت صرخاتهم تعلو في الحي، ثم تم اعتقالهم مع إيناس زوجة قاسم والتي ظنت العائلة أن اعتقالها جاء عن طريق الخطأ لأيام قليلة فقط.
ولكن الأيام التالية حملت معها ظلما أكبر للعائلة، حيث قام الاحتلال باقتحام منازلها من جديد واعتقال أحمد ومحمد أشقاء قاسم ونقلهم إلى أقبية التحقيق.
ويوضح والد الأسرى الثلاثة بأن العائلة لم تكن تعرف شيئا عن أسباب الاعتقال، ثم صدرت تقارير عبر وسائل إعلام عبرية أن الاحتلال يتهم نجليه أحمد وقاسم وابن شقيقه نصير بتنفيذ عملية قتل الجندي.
ويصف الوالد هذه الأشهر منذ أغسطس/ آب الماضي بأنها الأقسى التي مرت على العائلة، حيث تكررت اقتحامات الجنود كل يومين أو ثلاثة بغرض الترهيب والتخريب، فكان الأطفال يقضون معظم لياليهم بالبكاء والنساء يشعرن بالذعر من مشهد الجنود المخيف.
ويضيف:" لم نتوقع أن يطول اعتقال إيناس فهي أم لطفليم في الثالثة والخامسة والاحتلال يتهمها بالتستر على منفذي العملية وإيوائهم، وبالتالي لا نعرف ما الذي سيحدث معها في المحاكم، وأطفالهما يبكون طيلة الوقت ويسألون عن والديهما".
أما عن معنويات الأسرى فعالية تناطح السماء حسب ما تقول العائلة، ولا يهمهم ما تعرضوا له من تعذيب وضرب خلال اعتقالهم، حيث كانوا حقلا لتجارب الجنود بالشبح والتعذيب والضغط النفسي، ويحتجزهم الاحتلال في سجن عوفر.
هدم المنازل
وفي فجر الخميس الماضي داهمت قوات الاحتلال مع جرافات عسكرية بيت كاحل لتنفذ عملية هدم لأربعة منازل تعود لأحمد وقاسم ونصير ورابعها للأسير يوسف الزهور الذي يتهمه الاحتلال بتقديم المساعدة لهم.
ويبين والدهم أبو خليل بأن الاحتلال حين اعتقل أبناءه قام بأخذ قياسات المنازل، ثم تابعت العائلة الأمر مع المحامين ليتم اتخاذ قرار بتجميد الهدم، ولكن الاحتلال عاد وأخطر العائلة من جديد لتقوم بإخلاء المحتويات والأثاث.
وبعد أسبوع من الإخطار بالهدم قام الاحتلال باقتحام البلدة وتنفيذ الهدم، حيث هدم منزلي أحمد وقاسم واللذين تبلغ مساحة كل منهما ١٣٠ مترا مربعا و١٥٠ مترا مربعا، وهما منزلان متجاوران بينهما سور فقط، كما تم هدم منزل ابن عمهما نصير والذي تبلغ مساحته ٢٠٠ متر.
ويتابع:" الله أعلم بحالنا فقط، حيث كل الأثاث والمحتويات لم نعرف أين نضعها فوضعناها في جانب الشارع ومغطاة فقط بغطاء بلاستيكي، بينما الأطفال الذين يقطنون المنازل التي هدمت قمنا بتوزيعهم على منازل أعمامهم".
أما الأسرى فلم يضرهم الهدم ولو بشعرة، حيث استقبلوا نبأ هدم منازلهم بابتسامة مطمئنة وقالوا بالحرف الواحد "عادي يهدموا".
ويشير الوالد إلى أن الاحتلال كان اعتقل ابنه زيد (٣٠ عاما) واعتدى عليه الجنود خلال فترة التحقيق مع شقيقيه، حيث عانى من كسور ورضوض بقي يتعالج بعدها لمدة شهر في المستشفى.
ويختتم حديثه قائلا:" الحمد لله على كل حال فالصبر هو الذي يثبتنا على اعتداءات الاحتلال".