لحظات التحرر من الأسر تكشف خبايا رحلة الأسر لكل أسير يتحرر من باستيلات الاحتلال والتي توصف من قبل الأسرى بمدافن الأحياء.
المحرر المهندس مالك نزار قزمار من مدينة قلقيلة يروي لمكتب إعلام الأسرى تجربة الأسر المريرة التي استمرت 33 شهراً، حيث اعتقل على معبر الكرامة عند عودته من دراسته في تركيا وكان برفقة والديه.
اللحظات الأخيرة
يبدأ المحرر قزمار حديثه عن تجربة الأسر، بالإشارة إلى اللحظات الأخيرة قبل التحرر، وما يمارس مع الأسرى في بوسطة "الشحرور" من قبل السجانين الذين لا يرغبون بتحرر أي أسير من الأسر، ومعاملتهم تكون انتقامية وذات طابع عنصري، وفي اللحظات الأخيرة يكون الأسير تحت ضغط نفسي كبير تمارسه وحدة الحراسة للبوسطة.
ويقول: "كل حركة يتم محاسبة الأسير عليها والتهديد بإرجاعه إلى السجن، والتخويف بإلغاء ما يسمى "المنهلي" بحقه وهي مدة تخفيض تتحكم بها مصلحة السجون، ويسمح القانون لهم بعدم منحها للأسير.
تفتيش عاري وانتهاك لفظي
وتعرض قزمار في يوم التحرر للتفتيش العاري والمهين من قبل ضباط إدارة السجون، ولم يتوقف الأمر عند التفتيش، بل تجاوز إلى التلفظ بألفاظ لا تليق وتمس بكرامة الأسير، وعندها رفض هذا الأسلوب، وقابل تجاوزهم بتجاوز مثله.
ويقول قزمار: "نحن أسرى نرفض أي إهانة، ولو كنا في اللحظات الأخيرة من الأسر وعلى أعتاب الحرية".
لم يرق لضباط السجون انتصار قزمار لكرامته، فجاء الضابط وقال له: "تم إلغاء المنهلي بحقك، وسوف ترجع إلى السجن لتقضي الفترة التي كانت 45 يوما".
ولم يؤثر ذلك على نفسية قزمار الذي قال: "نحن كأسرى نتوقع غدرهم في أية لحظة، وقد حدث مع أسرى مثل هذا الغدر والتراجع".
بداية الاعتقال
ورغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على يوم الاعتقال، إلا أن قزمار لا يزال يتذكر تلك اللحظات العصيبة، ويقول قزمار: "عندما عدت إلى فلسطين كان برفقتي والدي ووالدتي، وعند وصولنا معبر الكرامة تم إيقافنا واحتجازنا، وفصلوني عن والدتي ووالدي، وتم التحقيق معهما".
وبعدها نقل قزمار إلى مركز تحقيق الجلمة لمدة شهر، تعرض خلالها لصنوف العذاب والشبح والتهديد والتهم الباطلة، ومحاكم عسكرية لا يطبق فيها سوى قانون الغاب.
ويؤكد قزمار أن الحكم الذي صدر بحقه كان بهدف الردع، ويقول: "إنهم يحقدون على كل طالب ينهي دراسته في تركيا، فمعظم الطلبة العائدين من تركيا يتم معاقبتهم بتهم باطلة وملفقة، عقابا لهم لدراستهم في الجامعات التركية".
هذه العقوبة سيف مسلط على رقاب غالبية الطلبة الفلسطينيين في الجامعات التركية، ولم يكن قزمار وحده من عانى من بطشها، فقد صادف في الأسر العشرات من الطلبة الذين يدرسون بالجامعات التركية، ويضيف: "في فترة التحقيق كانت الشتائم تنهال على الدولة التركية ورئيسها أردوغان".
إنجازات الأسرى
ويشير قزمار إلى الإنجاز الذي سطره الأسرى بإدخال الهواتف العامة إلى السجون، وأن الكل في الحركة الأسيرة مرتاح لهذا الإنجاز الذي تحقق في الإضراب الأخير، والذي دفعوا ثمنا باهظا له خصوصا في القمع الأخير الذي كان في شهر آذار في سجن النقب، بعد قيام أسير بضرب سجان كان يستفز الأسرى.
ويؤكد أن الحركة الأسيرة استردت عافيتها بالرغم من العذابات اليومية التي يتم تجسيدها من قبل سجانين تدربوا على انتهاك نفسية الأسير وجسدها معا ".
توسيع الدائرة الاعلامية
ويطالب قزمار بضرورة توسيع دائرة التغطية الإعلامية، وعدم الاقتصار على نقل أخبار الأسرى.
ويقول: "إعلام الاحتلال يسلط الضوء على جنوده المأسورين بيد المقاومة، ويصورهم على أنهم ضحايا، مع أنهم جنود كانوا يحملون السلاح ويقتلون المدنيين بشكل متعمد، وأسرانا هم أسرى قضية سياسية وأسرى حرب تحميهم كل الاتفاقيات الدولية".